فكيف يمكن القول والحال هذه أن اباعد عن البيت النبوي مثل « زيد بن حارثة » وغيره اطلعوا على أسرار الوحي ، بينما جهل ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم واقرب الناس إليه والذي كان معه في اكثر الأوقات بما أتى به صلى الله عليه وآله وسلم وما نزل عليه.
إن غرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تربية الإمام علي وتكفله إياه كان إلى حد كبير هو أداء ما أسدى إليه أبو طالب من خدمات ، ولم يكن ثمة شيء أحب إلى رسول الله من أن يهدي أحدا إلى الصراط المستقيم ، فكيف يمكن أن يقال والحال هذه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرم ابن عمه الذي كان يتمتع بذكاء باهر وضمير يقظ ، من هذه النعمة الكبرى.
إن من الأفضل أن نسمع هذا الأمر من لسان « علي » نفسه ، فقد بين عليه السلام في الخطبة القاصعة منزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقربه إليه هكذا :
« ولقد علمتم موضعي من رسول الله بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد ، يضمني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ( عرقه )... ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل إثر امه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالإقتداء به ، ولقد كان يجاورني في كل سنة بحراء فاراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله ، وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة » (1).
وجاء في تاريخ الطبري عن ابن اسحاق قال : كان اول ذكر آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصلى معه وصدق بما جاءه من عند الله « علي بن ابي طالب » عليه السلام وهو يومئذ ابن عشر سنين ، وكان مما انعم الله به على علي بن ابي طالب عليه السلام انه كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
صفحه ۳۵۶