ولما اقترب الخليفة مني قال لي بلهجة الملاطفة: «يا عبد القادر اقعد.»
ثم بسط له خدمه فروته فقعد إلى جانبي وقال: «هنا ورقة أرغب في أن تخبرني عما فيها لكي تثبت لي أمانتك.» فأخذت الورقة وقلت: «سأفعل يا مولاي.»
وكانت الورقة لا تزيد في الحجم عن نصف ورقة سيجارة، وقد كتبت من الجانبين، وكان مكتوبا عليها باللغة الفرنسية ما يلي:
عندي عشرة آلاف رجل تقريبا، ويمكنني الدفاع عن الخرطوم إلى آخر شهر يناير، وإلياس باشا كتب إلي، وقد أجبر على ذلك، إنه رجل مسن وغير كاف، أنا أغفر له، جرب محمد أبو حرجة أو غن لنا أغنية أخرى.
غوردون
ولم يكن هناك ما يشير إلى الشخص المرسلة إليه هذه الرسالة، وكنت متأكدا بأنه ليس في معسكرنا من يعرف الفرنسية؛ وهذا هو سبب مجيء الخليفة إلي.
ثم قال الخليفة وقد نفد صبره: «قل هل فهمت مضمونها؟»
فقلت: «الرسالة من غوردون وهي مكتوبة بخطه بلغة جفرية لا يمكنني أن أفهمها.»
فقال الخليفة وقد بدا عليه الغضب: «ماذا تقول؟ أوضح ما تقول.»
فقلت: «هنا كلمات لا أدرك معناها، فإن لكل كلمة معنى خاصا ولا يمكن أن يفهمها إلا من اعتاد تفسير الجفر، ولو سألت أحدا من الموظفين السابقين لأكد لك صحة قولي.»
صفحه نامشخص