أو يُقال: إن القذف في هذا المحل الخاص حده القتل، فلا حاجة للتمسك بشيء من القاعدتين في إسقاط الجلد، لكن هذا يوجب تخصيص أنه القذف، ولا دليل عليه.
هذا كله إذا قلنا: القتل لخصوص السب من حيث كونه سبًا، وإن قلنا: القتل به لكونه ردة فيحتمل أن تسلك المباحث المذكورة.
ويحتمل أن يقال: لا وجه حينئذ لسقوط الجلد، لأن المحذور على القاعدة الأولى أن يكون الشيء الواحد موجبًا لشيئين، وهذا مفقود هنا على هذا التقدير، وإنما الموجب للجلد القذف، والموجب للقتل ما اشتمل عليه من الكفر.
ومع هذا كله فلا أعلم أحدًا يوجب الجمع بين القتل والجلد في مسألتنا، وإنما الواجب قبل التوبة القتل وحده، وبعد التوبة، قال بعض أصحابنا: سقط القتل وبقي حد القذف، وهذا كأنه أعرض عن القاعدة الأولى ولاحظ الثانية، فيجعل القذف موجبًا لهما، فإن استوفي الأعظم دخل فيه الأصغر، وإلا انفرد الأصغر، والمذهب سقوط الحد، وكأنه نظر إلى القاعدة الأولى وأنه لم يجب من أصله إلا القتل، فتخريج الوجهين على هذين المأخذين.
وأما الوجه الثالث القائل بأنه يقتل بعد الإسلام فسنذكر، وحينئذٍ لا يُجلد معه كما قبل التوبة، ولم يقل أحد بإلغاء القاعدتين جميعًا في هذا المحل، لأنه يلزم منه أن يجلد ويقتل قبل التوبة وكذا بعدها على وجه.
1 / 160