أما عموم الكفر فلا، لما قدمناه من اختلاف الآثار، لأن هذا لا يسترق ولا يؤمن ولا يفادي به ولا يقر بجزية، ولا يفترق الحال بين أن يكون رجلًا وامرأة، ولكن النظر: هل هو لعموم الردة أو لخصوص السب؟ أو لمجموعهما؟
ولا شك أن الردة موجبة للقتل بالإجماع والنصوص، وخصوص السب موجب للقتل بحديث: "من سب نبيًا فاقتلوه" وبترتيب الحكم على الأذى، وترتيب الحكم على خصوص الوصف يشعر بأنه هو العلة، وقد وجد في الساب المسلم المعنيان جميعًا، أعنى: الردة والسب، فيكون قد اجتمع على قتله علتان، كل منهما موجبة للقتل، والقتل حد لكل منهما، وقد تجتمع علتان شرعيتان على معلول واحد، ولهذا البحث أثر يظهر فيما إذا صدر السب من كافر، فإنه انفرد فيه السب عن الارتداد، وفيما إذا تاب الساب وأسلم، وسنذكره إن شاء الله تعالى. هذا تحرير البحث في قتل الساب والمرتد.
وقد قال القاضي عياض ﵀ بعد أن حكى قتله عن جماعة ثم قال: ولا تُقبل توبته عند هؤلاء، وبمثله قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، وأهل الكوفة، والأوزاعي، في المسلم، كلهم قالوا: هي ردة. وروى مثله الوليد بن مسلم عن مالك.
1 / 155