ثالثا: حكم جباية الأموال إلى هذه البلدة وإحيائها وتشييد البنيان فيها، فهل هذا إلا ضلال مبين وفساد كبير ورضى بأفعال المشركين، فإن الواجب المقرر المعتبر شرعا في مثل هذه البلدة المأخوذة مقاومة الكفار من أهل البلد، ومن كان على دون مسافة القصر منها، ومن كان فوقها يلزمه الموافقة لأهل ذلك المحل بقدر الكفاية إن لم يكف أهلها، ومن دون مسافة القصر، هذا حكم مثل هذه البلدة، وعبارة المنهاج، مع شرحه التحفة . الثاني من حال الكفار، يدخلون بلدة لنا كان خطبا عظيما فيلزم أهلها الدفع بالممكن من أي شيء أطاقوه، فإن أمكن تأهب للقتال وجب الممكن حتى على فقير، وولد، وعبد، ومدين، وامرأة فيها قوة، وإن لم يمكن قتال فمن قصد منا دفع عن نفسه بالممكن، ومن هو دون مسافة القصر إلى البلد وإن لم يكن من أهل الجهاد، كأهلها في تعيين وجوب القتال ، ومن على المسافة المذكورة فما فوقها يلزمهم إن وجدوا زادا وسلاحا ومركوبا الموافقة بقدر الكفاية، إن لم يكف أهلها. ومن يليهم دفعا عنهم وإنقاذا ... انتهى .
فإذا كان الواجب في حق المسلمين هو المقاومة للكفار المذكورين وإنقاذ من فيها من المسلمين وإخراجهم منها بالمحاربة والمحاصرة والمضايقة الشديدة كما أمر الله في كتابه بقوله عز من قائل : {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد } [التوبة : 5] الآية، وهي في الكفار الذين ببلدهم ، فما حكم من أخذوا بلدتنا وكسروا بيضتنا واستباحوا حرمتنا إلا ذلك بل أهم منه بالأحق الأوجب الأحرى .. فمن شد الرحال، وزم السفن والأحمال إلى هذه الدار وحمل إليها الأمتعة والأبزار وأحيا أسواقها بالبيوعات، وشوارعها بالروحات والغدوات، وعمر فيها البنيان، وشيد فيها العمران، فقد خالف الشريعة المحمدية، ونبذ العهود الإلهية، ورضي بأحكام الجاهلية. { أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون } [آل عمران: 83] .
صفحه ۵