صيد الخاطر
صيد الخاطر
ناشر
دار القلم
شماره نسخه
الأولى
محل انتشار
دمشق
أمستوحش أنت مما جَنَيْت ... فأحسن إذا شئت واستأنِسِ
٤٠٦- فإن رأى نفسه مائلًا إلى الدنيا، طلبها منه، أو إلى الآخرة، سأله التوفيق للعمل لها، فإن خاف ضرر ما يرومه من الدنيا، سأل الله إصلاح قلبه، وطلب مرضه، فإنه إذا صلح، لم يطلب ما يؤذيه. ومن كان هكذا، كان في العيش الرغد.
غير أن من ضرورة هذه الحال ملازمة التقوى، فإنه لا يصلح الأنس إلا بها.
٤٠٧- وقد كان أرباب التقوى يتشاغلون عن كل شيء إلا عن اللجإ والسؤال.
٤٠٨- وفي الحديث: أن قتيبة بْنَ مُسْلِمٍ١ لما صاف٢ الترك، هاله أمرهم، فقال: أين محمد بن واسع٣؟ فقيل: هو في أقصى الميمنة، جانح على سية قوسه٤، يوميء بإصبعه نحو السماء. فقال قتيبة: تلك الإصبع الفاردة٥ أحب إلى من مئة ألف سيف شهير٦ وسنان طرير٧. فلما فتح عليهم؛ قال له: ما كنت تصنع؟ قال: آخذ لك بمجامع الطرق.
١ الباهلي: فاتح بلاد ما وراء النهر، توفي سنة "٩٦هـ".
٢ صاف: واجههم في المعركة.
٣ أبو بكر الأزدي البصري، أحد الأعلام زهدًا وعبادة، توفي سنة "١٢٣هـ".
٤ سيد القوس: ما انعطف من طرفيه.
٥ الفاردة: الوحيدة.
٦ الشهير: المسلول في وجه العدو.
٧ الطرير: الحاد القاطع.
٧٨- فصل: كتمان الأمور فعل الحازم
٤٠٩- ينبغي لمن تظاهرت نعم الله ﷿ عليه، أن يظهر منها ما يبين أثرها، ولا يكشف جملتها، وهذا من أعظم لذات الدنيا، التي يأمر الحزم بتركها، فـ "إن العين حق"١.
٤١٠- وإني تفقدت النعم، فرأيت إظهارها حلوًا عند النفس، إلا أنها إن أظهرت لوديد٢، لم يؤمن تشعث باطنه بالغيط، وإن أظهرت لعدو، فالظاهر إصابته
١ رواه البخاري "٥٧٤٠"، ومسلم "٢١٨٧" عن أبي هريرة ﵁.
٢ الوديد: المحب.
1 / 141