صدای اعماق: خوانشها و مطالعات در فلسفه و روان
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
ژانرها
modal logic ) أوحت إليه بضروب عديدة من النسبية، وخلص إلى أن المحكات النهائية لاختيار نسق من المنطق (أو أي صنف آخر من أنساق المفاهيم والمعايير) هي محكات براجماتية أي محتكمة إلى النجاح العملي.
وقد كان كثير من الأطروحات النسبية في الجزء الأول من القرن العشرين يرتكز على ما ذهب إليه الأنثروبولوجي الفرنسي لوسيان ليفي برول من أن أعضاء المجتمعات البدائية لديهم «عقلية قبل-منطقية»
pre-logical mentality
أدت بهم إلى أن يفكروا بطرائق مختلفة عن طرائق التفكير الشائعة في الثقافات الغربية الحديثة. دفع خصوم ليفي برول بدعوى «الوحدة النفسية للجنس البشري»، غير أن العديد من الكتاب اللاحقين ذهبوا إلى أن معايير العقلانية في المجتمعات المختلفة ليست متفقة على الدوام، وأن للثقافات المختلفة معايير مختلفة للعقلانية لها وجهاتها ومعقوليتها داخل السياقات الثقافية الثرية التي تحدث فيها، مهما بدت لنا غريبة منكرة حين ننتزعها من ذلك السياق. وبروح قريبة من ذلك ذهب مؤرخ وفيلسوف العلم لاري لودان إلى أن القوانين الخاصة بالعقلانية هي أمر مرتبط بالزمن، والأسلوب الجدلي الذي تقبله حقبة تاريخية أو «مدرسة فكرية» معينة وتعتبره مشروعا ومعقولا تماما قد تنظر إليه حقبة أخرى أو مدرسة أخرى على أنه واه وظلامي.
جينيالوجيا المعرفة
للمفاهيم والاعتقادات تواريخ يمكن أن تكتب، وكذلك الحال بالنسبة للمعايير الإبستيمية وضروب الحساسية، بحيث إن ما يعد تبريرا أو برهانا أو معقولية هو في تحول وتبدل عبر الزمن. إذا نظرنا مثلا إلى تصور أرسطو عن متطلبات عملية تبرير نظرية علمية (وهي عنده لا تعدو، على وجه التقريب، أن تكون استنباطا من مقدمات ضرورية واضحة بذاتها) لوجدنا أنها تختلف اختلافا بينا عن تصورنا اليوم (وهو على وجه التقريب عملية اختبار عن طريق استخلاص تنبؤات ورؤية مدى صدقها أو نجاحها). أما تصور «الاحتمال»
probability
كما نعرفه اليوم، فهو لم يظهر إلا حوالي عام 1660م. وأما «الإحصاء الاستدلالي» و«تصميم التجربة» اللذان يضطلعان اليوم بدور محوري حاسم في الممارسات الاستقرائية الخاصة بالبحث العلمي والطبي، فهما نتاج المائة عام الأخيرة على وجه الحصر.
السلطة والتراث
لا تنحصر المعايير الإبستيمية في ذلك الصنف من الأشياء المدونة في النماذج المعيارية من قبيل المنطق الاستنباطي أو فلسفة العلم. وقد تدفعنا الفردانية الإبستيمية (التي تتجلى بوضوح عند الفلاسفة المحدثين من ديكارت إلى كانت) إلى أن نتغافل عن حقيقة أن معظم ما نعرفه إنما تعلمناه من الآخرين. غير أن الكثير من الثقافات تخول السلطة والتقليد دورا مسيطرا يطغى على كل الاعتبارات الإبستيمية الأخرى تقريبا، فقد يسود في ثقافة ما (أو فئة منها) اعتقاد بأن الأساس الأكثر رسوخا للمعرفة هو الإيمان أو الوحي أو شخص ذو سلطة (مثل أرسطو، الشامان، البابا ... إلخ) أو نص (التوراة ... إلخ) أو ممارسة (نطق كاهنة الوحي بأحكام ...) وأن أحكام هذه الضروب من السلطة لا معقب لها، ولا تجبها أي مناهج أخرى (كالعلم التجريبي مثلا). من أمثلة ذلك أن «مذهب الخلق»
صفحه نامشخص