صدای اعماق: خوانشها و مطالعات در فلسفه و روان
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
ژانرها
stimuli
الخارجية بطريقة سلبية آلية. غير أن من الثابت الآن أن هذا التصور قاصر بل مغلوط ومضلل. فحقيقة الأمر أن ما ندركه لا يتوقف فحسب على ما هو موجود وماثل في بيئتنا، وإنما يتوقف أيضا على اهتماماتنا وانتباهنا الانتقائيين، بالإضافة إلى قدراتنا الذهنية الخاصة في التأويل والتصنيف. إن «الموقف»
attitude
الذي نتخذه في حياتنا بعامة وفي الموقف الخاص الذي نحن بصدده يتحكم في طريقة إدراكنا للعالم وللأشياء من حولنا. و«الموقف» هو طريقة في توجيه إدراكنا وضبطه، فنحن لا نلتقط كل شيء في بيئتنا دون تمييز، وإنما نحن «ننتبه» إلى بعض الأشياء ونركز على بعض السمات بينما نتجاهل غيرها ولا ندركها إلا بطريقة غائمة باهتة أو لا ندركها على الإطلاق. من خصائص الانتباه إذن أنه انتقائي يجتبي ما يعنيه من المنبهات الخارجية ويضرب صفحا عن غيرها بل ينفيه نفيا عن ساحة الوعي. ومن البين أن هذا الانتقاء هو نتاج الثقافة واللغة وغيرهما من المتغيرات المستقلة.
ومن الثابت أن «المخطط الذهني»
mental schema (أو البناء الذهني
mental construct ، أو النموذج المرشد ... إلخ) هو شرط ضروري للإدراك. فنحن لا نرى في واقع الأمر موضوعات محددة من مثل البشر والحيوانات والموائد والكراسي، فكل ما يقدمه البصر في حالة رؤية كلب، على سبيل المثال، هو بقعة سمراء تتحرك وتطوف في مجالنا البصري، ما تمدنا به الحواس هو إحساسات خالصة (بقع لونية، أصوات ... إلخ) يقال لها «المعطيات الحسية»
sense data (
sensa )، ونحن من هذه المعطيات الحسية «نستدل»
infer
صفحه نامشخص