أيضا وضع السيف وأخبر أنه إذا وضع لا يرفع وكذلك وقع وهذا من آيات نبوته صلى الله عليه وسلم فإنه وقع كما أخبر وقوله لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وهذا أيضا وقع وقوله وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان فهذا حق وقوله لا يزال طائفة من أمتي على الحق منصورة إلى آخره يدل على أن هذه الأمور التي ملأت بلاد الإسلام ليست بعبادة الأوثان فلو كانت هذه الأمور عبادة الأصنام لقاتلتهم الطائفة المنصورة ولم يعهد ولم يذكر أن أحدا من هذه الأمة قاتل على ذلك وكفر من فعله واستحل ماله ودمه قبلكم فإن وجدتم ذلك في قديم الدهر أو حديثه فبينوه وأنى لكم بذلك وهذا الذي ذكرناه واضح من أول الحديث وآخره والحمد لله رب العالمين (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم في تكفير من كفرتموه ما روى البخاري في صحيحه عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم والله معطي ولا يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة أو يأتي أمر الله تعالى انتهى (وجه الدليل) منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن أمر هذه الأمة لا يزال مستقيما إلى آخر الدهر ومعلوم أن هذه الأمور التي تكفرون بها ما زالت قديما ظاهرة ملأت البلاد كما تقدم فلو كانت هي الأصنام الكبرى ومن فعل شيئا من تلك الأفاعيل عابد للأوثان لم يكن أمر هذه الأمة مستقيما بل منعكسا بلدهم بلد كفر تعبد فيها الأصنام ظاهرا وتجري على عبدة الأصنام فيها أحكام الإسلام فأين الاستقامة وهذا واضح جلي (فإن قلت) ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة ما يعارض هذا وقوله صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان من قبلكم وما في معناه وقوله صلى الله عليه وسلم تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة (قلت) هذا حق ولا تعارض والحمد لله (وقد بين) العلماء ذلك ووضحوه وأنه قوله تفترق هذه الأمة الحديث فهؤلاء أهل الأهواء كما تقدم ذكرهم ولم يكونوا كافرين بل كلهم مسلمون إلا من أسر تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فهو منافق كما تقدم في كلام الشيخ من حكاية مذهب أهل السنة في ذلك وقوله صلى الله عليه وسلم كلها في النار إلا واحدة فهو وعيد مثل وعيد أهل الكبائر مثل قاتل النفس وآكل مال اليتيم وآكل الربا
صفحه ۴۰