اجتهد في ذلك فأصاب فله أجران وإن اجتهد فيه فأخطأ فله أجر وقال رحمه الله التكفير إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة أو بإنكار الأحكام المتواترة المجمع عليها (انتهى) فانظر إلى هذا الكلام وتأمله وهل هذا كقولكم هذا كافر ومن لم يكفره فهو كافر وهو قال إن دفع عنه التكفير وهو مخطئ فله أجر وانظر وتأمل كلامه الأول وهو أن القول قد يكون كفرا ولكن القائل أو الفاعل لا يكفر لاحتمال أمور منها عدم بلوغ العلم على الوجه الذي يكفر به إما لم يبلغه وإما بلغه ولكن ما فهمه أو فهمه ولكن قام عنده معارض أوجب تأويله إلى غير ذلك مما ذكره فيا عباد الله تنبهوا وارجعوا إلى الحق وامشوا حيث مشى السلف الصالح وقفوا حيث وقفوا ولا يستفزكم الشيطان ويزين لكم تكفير أهل الإسلام وتجعلون ميزان كفر الناس مخالفتكم وميزان الإسلام موافقتكم فإنا لله وإنا إليه راجعون آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وعلى مراد رسوله أنقذنا الله وإياكم من متابعة الأهواء قال ابن القيم رحمه الله تعالى لما ذكر أنواع الكفر وكفر الجحود نوعان كفر مطلق عام وكفر مقيد خاص فالمطلق أن يجحد جملة ما أنزل الله ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخاص المقيد أن يجحد فرضا من فروض الإسلام أو محرما من محرماته أو صفة وصف الله بها نفسه أو خبرا أخبر الله به عمدا أو تقديما لقول من خالفه عالما عمدا لغرض من الأغراض وأما ذلك جهلا أو تأويلا يعذر فيه فلا يكفر صاحبه لما في الصحيحين والسنن والمسانيد عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم قال رجل لم يعمل خيرا قط لأهله وفي رواية أسرف رجل على نفسه فلما حضر أوصى بنيه إذا مات فحرقوه ثم ذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فوالله لأن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا ما عذب به أحدا من العالمين فلما مات فعلوا ما أمرهم فأمر الله البحر فجمع ما فيه وأمر البر وجمع ما فيه ثم قال لم فعلت قال خشيتك يا رب وأنت تعلم فغفر له (فهذا) منكر لقدرة الله عليه ومنكر للبعث والمعاد ومع هذا غفر الله له وعذره بجهله لأن ذلك مبلغ علمه لم ينكر ذلك عنادا وهذا فصل النزاع في بطلان قول من يقول إن الله لا يعذر العباد بالجهل في سقوط العذاب إذا كان ذلك مبلغ علمه (انتهى) وقد سئل شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله عن التكفير الواقع في هذه الأمة من أول من أحدثه وابتدعه فأجاب أول من أحدثه في الإسلام المعتزلة وعنهم تلقاه من تلقاه وكذلك الخوارج
صفحه ۲۴