أن إحدى الطائفتين مختصة بالبدعة والأخرى موافقة للسنة لم يكن لهذه السنة أن تكفر كل من قال قولا أخطأ فيه فإن الله تعالى قال ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال قد فعلت وقال تعالى لا جناح عليكم فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وهو حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره وقد أجمع الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين على أنه ليس كل من قال قولا أخطأ فيه أنه يكفر بذلك ولو كان قوله مخالفا للسنة ولكن للناس نزاع في مسائل التكفير قد بسطت في غير هذا الموضع وقال الشيخ رحمه الله أيضا الخوارج لهم خاصيتان مشهورتان فارقوا بها جماعة المسلمين وأئمتهم (أحدهما) خروجهم عن السنة وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة وجعلهم ما ليس بحسنة حسنة (الثاني) في الخوارج وأهل البدع أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات ويترتب على ذلك استحلال دماء المسلمين وأموالهم وإن دار الإسلام دار حرب ودارهم هي دار الإيمان وبذلك يقولوا جمهور الرافضة وجمهور المعتزلة والجهمية وطائفة من غلات المنتسبة إلى أهل الحديث فينبغي للمسلم أن يحذر من هذين الأصلين الخبيثين وما يتولد عنهما من بعض المسلمين وذمهم ولعنهم واستحلال دمائهم وأموالهم وعامة البدع إنما تنشأ من هذين الأصلين (أما الأول) فسببه التأويل الفاسد إما حديث بلغه غير صحيح أو عن غير الرسول صلى الله عليه وسلم قلد قائله فيه ولم يكن ذلك القائل مصيبا أو تأويل تأوله من آية من كتاب الله ولم يكن التأويل صحيحا أو قياسا فاسدا أو رأيا رآه اعتقده صوابا وهو خطأ إلى (أن قال) قال أحمد أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس وقال الشيخ أهل البدع صاروا يبنون دين الإسلام على مقدمات يظنون صحتها إما في دلالة الألفاظ وإما في المعاني المعقولة ولا يتأملون بيان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنها تكون ضلالا وقد تكلم أحمد على من يتمسك مما يظهر له من القرآن من غير استدلال بيان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وهذه طريقة سائر أيمة المسلمين لا يعدلون عن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم إن
صفحه ۲۲