ومن ذلك ما أخبرناه محمد بن داود (72) قال: نا سفيان (73) عن إبراهيم ابن ميسرة (74) عن عمرو بن الشريد (75) عن أبيه قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي:" هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت(76) قلت نعم. قال: هيه، فأنشدته فلم يزل يقول: هه حتى أنشدته مائة بيت (77)
وفي هذا الحديث دليل على إباحة اختيار المستمع والاقتراح على القوال والاقتضاء منه إلى أن يقضي ذلك وطره.
ومن ذلك ما وجدت في كتاب جدي نجيد بن يوسف السلمي بخطه أن عمر بن عبد الله بن رزين (78) جدهم قال: نا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم (79) عن إسحاق بن سهل بن أبي حثمة (80) عن ابن عمر (81) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت عندي جارية من الأنصار في حجري زوجتها ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسمع غناء فقال: "يا عائشة ألا تغنون عليها فإن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء) (82)
وفي هذا الحديث دليل واضح على إباحة السماع (83) م لقول النبي صلى الله عليه وسلم "ألا تغنون عليها" وهذا حث لها على ذلك.
وقد استقصيت في هذا الباب في مسألة السماع وأخرجت نيفا وثلاثين حديثا مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم في إباحة سماع الشعر والغناء، وذكرت في هذه الفصول منها ما فيه كفاية لمن نظر إليه بعين الحق،
ثم بعد هذا فقد علم الكل صلابة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقلة إغضائه على باطل، وهو مع هذا كله أمر رباح بن المغترف (84) أن يغني له ولأصحابه
صفحه ۸