حدثوا عن البحر ولا حرج. قيل : الواو للحال ، أي حدثوا عنه حال لا حرج عليكم في ذلك. ولنذكر منها نبذة مستطرفة :
قال القشيري : يقال : أن سليمان (ع) سأل ربه أن يأذن له أن يضيف يوما جميع الحيوانات ، فأذن الله تعالى له ، فأخذ في جمع الطعام مدة طويلة ، فأرسل الله تعالى له حوتا واحدا من البحر فأكل كل ما جمعه سليمان في تلك المدة الطويلة ثم استزاد ، فقال سليمان : لم يبق لي شيء ، ثم قال له : وأنت تأكل كل يوم مثل هذا؟ فقال : رزقي كل يوم ثلاثة أضعاف هذا ، ولكن الله تعالى لم يطعمني اليوم إلا ما أطعمتني أنت ، فليتك لم تضفني ، فإني بقيت اليوم جائعا حيث كنت ضيفك.
وفي هذا إشارة إلى عظيم سلطان الله تعالى وسعة خزائنه ، إذ مثل سليمان (ع) مع عظم ملكه الذي آتاه الله تعالى عجز عن أن يشبع مخلوقا من مخلوقات الله تعالى ، ثم انظر ما اشتمل عليه البحر مما يشبع هذا الحوت في كل يوم ، فسبحان المتكفل بخلقه.
وقال أبو حامد الأندلسي (1): رأيت سمكة بقرب مدينة سبتة من نسل الحوت الذي أكل منه موسى (ع) وفتاه يوشع ، فأحيا الله نصفه فاتخذ سبيله في البحر سربا ، ونسلها في البحر إلى الآن في ذلك الموضع ، وهي سمكة طولها أكثر من ذراع ، وعرضها شبر واحد ، في جانبيها شوك وعظام ، وجلدها رقيق على أحشائها (ولها عين ونصف رأس (2) من رآها من هذا الجانب استقذرها ، ويحسب أنها مأكولة ميتة ، ونصفها الآخر صحيح ، والناس يتبركون بها ويهدونها إلى المواضع البعيدة قال ابن عطية (3): وأنا رأيته كذلك.
صفحه ۱۱۵