فيظهرن للناس أن محبتهم تلك الصور لله، ويظنون اتخاذها خِدْنا يلتذون بها فعلا أو تقبيلا، أو تمتعا بمجرد النظر والمخادنة والمعاشرة، واعتقادهم أن هذا لله وأنه قربة وطاعة فهو من أعظم الغي والضلال وتبديل الدين وذلك من نوع الشرك، والحب المتخذ من دون الله طاغوتًا، فإن اعتقادهم كون المتمتع بالمحبة والنظر والمخادنة وبعض المباشرة لله، وأنه حب فيه كفر، وشرك كاعتقاد محبي الأوثان في أوثانهم. قال الشيخ: فواعجبا والله لخراب هذه القلوب وغفلتها عن علام الغيوب قلوب اشتغلت بحب النساء والمردان، واعرضت عن محبة الرحيم الرحمن، وما ذاك إلا لأنها شحنت بالشهوات وأظلمت من أكل الحرام، والشبهات فصارت لا ترى المنكر قبيحًا ولا المعروف مليحًا، اللهم أصلح فسادها وقوم بناءها وجرها إليك بسلاسل الإقبال، واشغلها بالصالح من الأعمال. " دقيقة " اعلم أن من أحب الأشخاص ومكن محبتها من قلبه صارت صورة ذلك الشخص ثابتة في قلبه يشاهدها بسره قال ﷺ: " إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة ". فإذا كان هذا في البيوت التي للمخلوقين المصنوعة بأيديهم فما ظنك بقلب العبد المؤمن الذي هو موضع نظر الرب جل وعلا.
القلوب أواني الله في الأرض!
قال ﷺ في الحديث الرباني: " ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن ". وقوله ﷺ: " إن لله في أرضه أواني ألا وهي القلوب ". فاحذر أن يطلع على قلبك فيجد محلًا لسواه فيمقتك على ذلك نعوذ بالله من شاغل يشغل القلوب ويتعب الأبصار.
فصل
في الزنا
قال شيخنا أبو العباس أحمد الزاهد ﵀: وأما الزنا فقال الله تعالى: (ولا تقربوا الزنى) .وقال ﷺ: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ". وقال ﷺ: " إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان فكان عليه كالظلة فإذا انقطع منها رجع إليه الإيمان ". وروي عنه ﷺ: " من زنا أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه فإن تاب ورجع رجع إليه ". وقال رسول الله ﷺ: " الزنا يورث الفقر " وفي أثر: " الزاني يموت فقيرًا والمولف يموت أعمى ". وروى أبو أمامة: أن غلامًا شابًا أتى النبي ﷺ فقال: أتأذن لي في الزنا فصاح الناس به فقال النبي ﷺ: " أقروه أقروه قال: ادن مني فدنا منه فقال ﷺ: أتحبه لأمك؟ فقال: لا جعلني الله فداك. قال: كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم. قال ﷺ: أتحبه لابنتك؟ قال: لا. قال: كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم. حتى ذكر الأخت والعمة والخالة ويقول كذلك الناس لا يحبونه ثم وضع يده على صدره وقال: اللهم طهره واغفر ذنبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك شيء أبغض إليه من الزنا ". وفي الحديث: " ما من ذنب بعد الشرك بالله أعظم من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له ".
يا معشر المسلمين إياكم والزنا!
وقال رسول الله ﷺ: " يا معشر المسلمين إياكم والزنا فإن فيه ست خصال ثلاثٌ في الدنيا، وثلاثٌ في الآخرة أما التي في الدنيا: فذهاب البهاء، ودوام الفقر، وقصر العمر، وأما التي في الآخرة: فسخط الله، وسوء الحساب، والخلود في النار إن لم يتب " نعوذ بالله من ذلك.
عفوا تعف نساؤكم!
فعليك يا أخي بالعفاف كما قال رسول الله ﷺ: " عفوا تعف نساؤكم، وبرو آباءكم تبركم أبناؤكم، ومن أتاه أخاه منتصلا فليقبل ذلك منه محقا كان أو مبطلًا " وقيل:
عفوا تعف نساؤكم في المحرم ... وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
إن الزنا دين فإن أقرضته ... كان الوفاء من أهل بيتك فعلم
يا هاتكا حرم الرجال وقاطعًا ... سبل المودة عشت غير مكرم
لو كنت حرًا من سلالة آدم ... ما كنت هتاكا لحرمة آدم
كما تدين تدان!
1 / 25