روى الإمام أحمد ﵀ عن عائشة ﵂ قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: " أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت سترها فيما بينها وبين الله ". وهذا إسناده صحيح. وفي صحيح ابن حبان من حديث أبي أيوب الأنصاري ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا تدخل الحمام ". فهذه الآثار كلها تدل على منع إباحة الحمام للرجال دون النساء. قال شيخنا: قال الشيخ شهاب الدين بن العماد: إن دخول الحمام قد يعرض وجوبه في بعض الأحوال وذلك الدخول للغسل من الجنابة، والحيض، والنفاس، حيث يتعذر الغسل خارجه لسبب من الأسباب. وقد يعرض استحبابه كما إذا دخل لغسل مندوب كغسله للعيدين والجمعة وغيرها، أو لإزالة وسخ يتأذى به إلى حد يمنع الخشوع في الصلاة ولم يمكنه الاغتسال خارجه أو داخله لأجل تشف من مرض أو أذى. وقد تعرض كراهته كما إذا دخله لغرض فاسد كما سبق، أو دخله بين المغرب والعشاء، أو قبل الغروب، أو دخله وهو صائم، أو دخله وفيه مبتلى. وقد تعرض له الكراهة من جهة الطب لحمى به، أو مرض، أو ورم، أو أخلاط، أو دخله وهو شبعان قبل هضم الطعام. وقد تعرض له الحرمة كما إذا دخل مكشوف العورة، أو دخله من لا يستر عورته، أو أداة الدخول إلى خلوة محرمة كالخلوة بالأمرد الحسن فيحرم الدخول بسبب هذه الأسباب. وأما بيان إباحة دخولها للنساء بعد نهيهن عنها فقد اختلفت أقوال الصحابة ﵃ في إباحة الدخول لهن، إحداها: الجواز مطلقًا وهو قول أبي الدرداء وابن عباس وغيرهما. القول الثاني: المنع مطلقًا وهذا يحكى عن ابن عمر روى عنه أنه قال: " الحمام من النعيم الذي أحدثوا " فهذا يقتضي تركه أولى. والثالث: المنع إلا لمريضة، أونفساء وهذا يروى عن ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال لأصحابه: " إنكم ستفتحون أرض العجم، وفيها بيوت تدعى " الحمامات " وهو حرام على رجال أمتي إلا بإزار، وعلى نساء أمتي إلا نفساء أو سقيمة ". رواه أبو داود وغيره. ونقل الروياني عن أبي هريرة ﵁ أنه قال: يحرم عليهن الدخول مطلقًا إلا لضرورة. قال صاحب الفايق في اللفظ الرايق عن النبي ﷺ قال: " سيكون بعدي حمامات ولا خير في الحمامات للنساء ".وروى الحافظ أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال: " بيت بالشام لا يحل للمؤمنين أن يدخلوه إلا بمئزر، ولا يحل للمؤمنات أن تدخلنه أَلْبَتَّة " فإن دعته ضرورة جاز الدخول. قال الغزالي ﵀: وحينئذ تدخل بمئزر سابغ. القول الرابع: منع النساء مطلقًا دون الرجال بالإزار. وعن ابن مسعود ﵁ أن النبي ﷺ قال: " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من ربها إذ هي في قعر بيتها ". رواه ابن ماجه في سننه وابن حبان في صحيحه وغيرهما. وصحح البغوي في الروضة جواز الدخول للمرأة مطلقًا مع الكراهة.
1 / 16