ودل على أن مفروض الصلاة خمس، ليس فيها زيادة ولا نقص، بقول سبحانه: { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } [البقرة: 238]. فكان أول ما يقع عليه اسم صلوات ثلاث وقفا، وكانت الوسطى التي أمرهم الله بالمحافظة عليها مع ما أمر سبحانه من المحافظة على الصلوات رابعة سواها، فلما كملت الصلاة أربع طلبنا إذ علمنا أنها أربع وسطاها، فلم نجد لأربع صلوات وسطى، فطلبنا أقل ما نجد بعد أربعامتوسطا، فلم نجده - والحمد لله - إلا خمسا، فكان ذلك لعلم عدد الصلوات بيانا وتبيانا، فعلمنا أن الصلوات التي أمروا بالمحافظة عليها أربع عددا، وأن الوسطى التي أمروا بالمحافظة عليها معها خامسة فردا، لأن الخامسة لا تكون وسطى لثلاث أبدا، وإنما هي واسطة لأربع، فدل على عدد الصلوات أجمع، وكانت فيما بان من هذا حجة على البدعية، وغيرها من الرافضة وغوالي الجهلة والحشوية، لأن البدعية قالت إنما يجب في اليوم والليلة صلاتان على المصلين، وقالت الرافضة فيها بواحدة وخمسين، وقال من فيها جهل وغلا، يجزي كل مصل ما صلى.
ثم جعل الله تبارك وتعالى لما فرض من هذه الصلوات، ما جعل من الطهور والمقادير والأوقات، فتنوزع أيضا واختلف فيه، وكان ما قلنا به من ذلك وذهبنا إليه، ما أخذنا وقلنا فيه عن قبول الكتاب، وما لا يأبى - إن شاء الله - علينا قبوله أولو الألباب.
فقلنا وبالله نستعين على الهدى، ونعوذ به من الضلالة والردى: وقت كل صلاة قبلها، وكذلك ما فرض الله من الطهور لها، وكل وقت كان للفريضة اللازمة، فهو وقت للنافلة المتطوعة. وكل وقت لا يصلى فيه الفرائض، فلا يصلح أن يصلى فيه النوافل، وخير المقادير والأوقات، ما جعل وقتا للصلوات، كما خير الشهور والأزمان، ما دلنا الله عليه من شهر رمضان، وخير ليالي الشهر، ما ذكره الله من ليلة القدر، وخير الأيام السبعة، ما دلنا عليه من يوم الجمعة.
صفحه ۴۵۰