لم يكد يلفظ باسمه حتى صاحت سيدة الملك: «عماد الدين؟» وأغمي عليها!
فدهش السلطان ونهض وأسرعت ياقوتة إلى الماء وأخذت ترش سيدتها به وتفرك يديها، واقترب بهاء الدين من صلاح الدين فأصغى إليه فقال له: «كنت أشرت إلى مولاي ألا يذكر هذا الاسم.»
فقال: «وما الذين يعنيها من أمره؟ هل تعرف شيئا عن ذلك؟»
فقال همسا في أذنه: «عرفت شيئا منه قبل سفره، لكن ضياء الدين الهكاري منعني من إبلاغه لمولاي مخافة أن يفسد سعيه يومئذ في خطبة هذه السيدة.» وضحك.
فقال صلاح الدين: «وما هي علاقتها به؟ يظهر أنها تحبه.»
فأومأ إليه أن يتبعه إلى غرفة أخرى ريثما تفرغ ياقوتة من معالجة سيدتها، فتبعه فلما خلا به قص عليه ما كان من أمر عماد الدين ليلة مجيئه إلى القصر في السرداب، وكيف وشى به أبو الحسن ولم يتمكنوا من القبض عليه إلى آخر الحديث .
فوقف صلاح الدين يفكر فيما اتفق وقوعه في تلك الجلسة، وقد سر لاطلاعه على ذلك السر؛ لأنه يحب عماد الدين ويريد إكرام سيدة الملك. وشكر الله لأنه لم يوفق إلى خطبتها، فقال لبهاء الدين: «لقد سرني اطلاعي على ذلك، فيجب علينا أن نسعى في جمع شمل هذين المحبين، والحمد لله أن سعي أبي الحسن لم يتكلل بالنجاح.»
فقال قراقوش: «ويمكننا أن نتخذ سعينا في مصلحتها وسيلة إلى سعيها في مساعدتنا على كشف تلك المؤامرة؛ لأنها من أقدر الناس على ذلك فإذا أخلصت الخدمة في هذا السبيل ساعدناها على مرامها.»
فضحك صلاح الدين وقال: «لله درك يا بهاء الدين! إنك لا تنظر في خير لأحد إن لم يعد جانب منه عليك، أحسنت.»
قال: «إنما يهمني القيام بخدمة مولاي، أعزه الله.»
صفحه نامشخص