فقطعت كلامها قائلة: «لا تقولي خليفة ولا عامة، إنني أسيرة في هذا القصر وهو طليق، وقلبي أسير أيضا ولا أدري إذا كان قلبه كذلك.» وشرقت بدموعها.
فأخذت ياقوتة تضمها وتمسح دموعها وتقبلها وتقول: «خففي عنك يا سيدتي، وارجعي إلى رشدك. اصبري. لنرى ماذا نعمل.»
قالت: «ماذا نعمل قد طال غيابه، ولا أدري ما أصابه.»
قالت: «لم يصبه شيء، ولا بد من عودته ظافرا ويصير من كبار الرجال. وإذا علم صلاح الدين بميلك إليه زاده رفعة وتقدما، يظهر أنك نسيت هذه النعمة. نسيت التفات صلاح الدين إليك ومعاملته إياك معاملة الأخ لأخته.»
قالت: «كلا، لم أنس ذلك، ولولاه لقضيت حزنا وكآبة ... ولكن ما الذي أسمعني اسم عماد الدين في هذه الليلة؟»
قالت: «لعل ذلك فاتحة القرب، تمهلي إلى الغد لنرى ما يكون.»
وأشارت إليها أن تعود إلى الرقاد فأطاعتها ونامت وانصرفت ياقوتة إلى غرفتها وهي تفكر في سيدتها وقد ندمت لسكوتها عن ذكر عماد الدين كل هذه المدة، على أنها اعتقدت أن سيدتها لم تسمع اسم عماد الدين عبثا، وأنه لا بد من شيء يحدث بشأنه.
وقد تحقق ظنها في صباح اليوم التالي؛ إذ جاءها قراقوش يقول: «إن السلطان صلاح الدين قادم بعد قليل لمقابلة سيدة الملك.»
فبغتت لكنها توسمت في تلك المقابلة خيرا - وصاحب اليأس يتوسم في كل جديد فرجا - فقالت: «هل يطلب مولانا السلطان أن يقابل سيدتي ويخاطبها؟ إنه يفعل حسنا لأنها منقبضة النفس وهي تستأنس برؤيته، أنا ذاهبة لأخبرها بقدومه.» ومضت إليها. •••
وكانت سيدة الملك قد نهضت من الفراش وهمت أن تستدعي ياقوتة، فلما دخلت عليها قرأت البشر في محياها فخفق قلبها وقالت: «ما وراءك؟»
صفحه نامشخص