قال: «تغيرت الأحوال يا صاحبي. إن الخليفة لم يبق له من الخلافة إلا الاسم، وصار النفوذ إلى هذا الكردي. مسكين العاضد!»
قال: «مسكين؟ بل نحن المساكين، ولعل هذا الكردي أحسن منه.»
قال: «الكردي؟ أحسن من الخليفة؟ لا ...»
قال: «وما الذي يصيبنا من هؤلاء الحكام؟ إنهم يختصمون على الاستبداد فينا، وماذا يهمني إن كان حاكمي كرديا أو عربيا أو هنديا. إنما المهم ألا يظلمني ... أليس كذلك؟»
قال: «اسكت، إنهم قادمون، ألا تسمع الأبواق والصنوج؟ انج بحمارك، أو خبئه في مكان وتعال.»
قال: «ها أنا ذا ذاهب وسأرجع إليك على عجل لأرى موكب الخليفة. لقد طالما سمعت بهذا الموكب وما يحف به من الفرسان وما يلبسه الخليفة من الجواهر والحرير و...»
قال: «أنا في انتظارك.»
قال: «لا. لا. الأحسن أن تتبعني أنت لتضع الحمار في هذا البيت، ثم نصعد إلى سطحه فنكون أقدر على المشاهدة وأبعد من الخطر.»
قال: «إذن هيا بنا.»
ولما صعدا إلى السطح وأشرفا على الموكب قال عم حسن: «إنهم قادمون من القصر. وبعد قليل يصلون إلى باب الفتوح هذا فنراهم وهم خارجون. ألا تسمع الضوضاء وقرقعة اللجم؟» قال: «نعم أسمع، وأخاف أن يكون علينا خطر.» قال: «لا خطر، أراك تخاف من خيالك.» قال: «لا تؤاخذني يا عم حسن، إن الملدوغ يخاف من جرة الحبل، وهؤلاء الجنود لم يخرجوا بمثل هذه الحركة إلا تعدوا علينا وأخذوا دوابنا.»
صفحه نامشخص