سكب الأدب على لامية العرب

سلیمان بک الشاوی d. 1209 AH
96

سكب الأدب على لامية العرب

سكب الأدب على لامية العرب

ژانرها

لما قتل كليبا (1) جساس (2) بقي أخوه مهلهل (3) ينوح عليه [46و] ويرثيه , ويتوعدهم بأشعاره حتى أيس (4) منه قومه , وقالوا إنه زير النساء , وسخرت منه بكر , وقالوا: إنما مهلهل نائحة ما عنده خير ولا شر , وهمت آل مرة بالرجوع إلى الحمى , واستحقروه , وبلغ ذلك كليبا (5) , فانتبه للحرب , وشمر ذراعيه , وتوسط نادي قومه , وآلى على نفسه أن لا يقرب النساء , ولا يشم الطيب , ولا يشرب الخمر ,ولا يلهو حتى يقتل بكل عضو من كليب رجلا من بني بكر بن وائل , ويقتل بشسع نعله (6) , ما دام له قوة ينكأ بها عدوا , فقال له أكابر قومه على جهة الإستخبار: إنا نرى أن لا تعجل بالحرب , وأرسل إلى إخواننا , فبالله ما تجدع (1) بحرب قومك إلا أنفك , ولا تقطع إلا كفك! قال مهلهل: قطعها الله كفا , وجدعه الله أنفا (2) , لا تحدث نساء وائل أني أكلت لكليب ثمنا , ولا أخذت له دية (3).

وكليب هذا اسمه: وائل بن ربيعة , وسمي بذلك بعد عقد لواء نزار وربيعة عليه , لأنه عظم في نفسه , واشتهر في العرب , وقبض على نواصيها , وأخذ بثأر أبيه من قحطان في خزازى (4) وغيرها , ولم تهزم له راية في الجاهلية , فلما استحكم رأيه , بلغ منه أنه صار يجير على الدهر فلا تخفر له ذمة , ولا يتحدث أحد - وهو جالس - إلا أن يتحدث , وكان يجير الجراد , ويقول: صيد كذا وكذا في جواري فلا يصاد ذلك الصيد , وكان قد اتخذ جرو كلب , وكان يكتفه ثم يقذفه في الحمى , وفي الروضة [46ظ] المخصبة التي تعجبه , فيحميها ولا تقرب , ويجعله إلى جانب البئر , فلا يشرب ذلك الماء , وبه سمي كليبا , فإنما كان الناس يسمون الحمى المرعي والماء هذا لكليب , فيقال: نعم , هذا حمى كليب , فبقي على ذلك الشرف والسؤدد حتى قتله جساس بسب شارف من الإبل , وقصتها طويلة (5) تركناها خشية الإطناب المخل.

قال الشاعر (6): [من الطويل]

صفحه ۱۸۱