سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
ژانرها
كل صباح تقف محمودي خانم مديرة المدرسة ونائبتها كرخة خانم في مدخل المدرسة حاملتين دلوا من الماء وقطعة قماش، حيث تتفحصان وجوه كل الفتيات أثناء دخولهن المدرسة، فإن وجدتا فتاة تضع مساحيق التجميل فركتا وجهها حتى يؤلمها. وذات صباح أثناء التفتيش جذبت محمودي خانم إحدى صديقاتي وتدعى نسيم، واتهمتها بأنها نمصت حاجبيها لأنهما متساويان أكثر من اللازم، فبكت نسيم وأكدت أنها لم تمس حاجبيها قط، ولكن المديرة اتهمتها بالفجور. كانت نسيم جميلة بطبعها، ودافعت عنها الكثيرات منا وشهدن أن تلك هي طبيعتها، لكنها لم تتلق اعتذارا قط على ما حدث.
ويوما بعد يوم أخذ الغضب والإحباط يتزايدان بداخلي. كنت أعاني أثناء معظم الدروس، وخاصة درس التفاضل؛ فمعلمة التفاضل الجديدة فتاة من الحرس الثوري لم تكن مؤهلة لتدريس المادة، بل كانت تقضي معظم الوقت في الدعاية للحكومة الإسلامية والحديث عن الإسلام والمجتمع الإسلامي المثالي الذي يقاوم التأثيرات الغربية والفساد الأخلاقي. وذات يوم بينما كانت تسترسل في الحديث عن الأمور العظيمة التي فعلها الخميني من أجل البلاد، رفعت يدي.
سألتني: «ماذا هناك؟» - «لا أقصد الإساءة، آنسة، ولكن هل يمكننا من فضلك العودة إلى موضوعنا الرئيسي؟»
رفعت حاجبها وقالت بنبرة تحد: «إن لم يعجبك ما أقول، يمكنك مغادرة الفصل.»
نظر الجميع نحوي، فجمعت كتبي وغادرت الفصل، وبينما كنت أسير في الممر سمعت صوت وقع خطوات كثيرة من خلفي. استدرت فوجدت معظم زميلاتي في الفصل قد تبعنني، وأصبحنا نحو ثلاثين فتاة في الممر.
وبحلول استراحة الغداء عمت الفوضى المدرسة، وذكر الجميع أني أشعلت شرارة الإضراب. ألغيت معظم الدروس المسائية لأن نحو 90٪ من الطالبات ظللن في الفناء ورفضن العودة إلى الفصول، فخرجت محمودي خانم حاملة مكبر صوت وطلبت منا العودة إلى الفصول، لكن لم يستجب أحد، فأخبرتنا أنها ستتصل بأولياء أمورنا، لكننا لم نتحرك، وعندما هددتنا بالطرد، أخبرناها أنها تستطيع أن تفعل ما تشاء. وأخيرا اختارتني الطالبات ومعي اثنتان أخريان كي نتحدث مع المديرة نيابة عنهن، فأخبرناها أننا لن نعود إلى الفصول ما لم تعدنا المعلمات بالالتزام بمناهج التدريس وتنحية السياسة جانبا.
عندما عدت إلى المنزل في ذلك اليوم نادتني أمي، وهو ما كان غريبا، فنادرا ما كانت تتحدث معي قبل وقت الطعام . كانت في المطبخ تفرم بعض البقدونس.
وقفت عند الباب وأجبتها: «نعم يا أمي.» - «لقد اتصلت مديرة مدرستك اليوم.»
لم تكن تنظر إلي، بل ظلت تنظر إلى لوح التقطيع. تحركت السكين بمهارة ودقة، وغطى البقدونس المفروم يدها كاسيا إياها باللون الأخضر.
سألتني وهي ترمقني بنظرة سريعة حادة كالسكين: «ماذا تظنين أنك فاعلة؟»
صفحه نامشخص