سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
ژانرها
لكنها بدأت تضرب رأسها بيديها. حاولت أن أمسك معصميها، لكنها كانت قوية جدا. تمكن أربع منا من إيقافها، لكنها ظلت تقاومنا. أضيئت الأنوار، وبعد دقيقة اندفعت الأخت مريم وإحدى الحارسات وتدعى الأخت معصومة إلى غرفتنا.
سألت الأخت مريم: «ماذا يحدث هنا؟»
قالت سهيلة: «إنها سارة. كانت تبكي وتصرخ، ثم بدأت تضرب نفسها بقوة.»
صاحت الأخت مريم في الأخت معصومة: «أحضري الممرضة!» فاندفعت الأخت معصومة خارج الغرفة.
وصلت الممرضة في أقل من عشر دقائق وحقنت سارة في ذراعها، وسرعان ما توقفت سارة عن المقاومة وأغشي عليها. أمرت الأخت مريم بإيداع سارة مستشفى السجن كي لا تؤذي نفسها. وضعت الأختان والممرضة سارة فوق بطانية وحملنها إلى الخارج. تدلت يدها الصغيرة من جانب البطانية. توسلت إلى الله ألا تموت سارة، فأسرتها تتوقع عودتها مثلما كانت أسرة أراش تتوقع عودته.
الفصل التاسع
انتظرنا كلنا عودة أراش، مع أننا كنا نعلم أنه لن يعود.
ظل الشاه يقيل رئيس الوزراء ويعين مكانه آخر محاولا استعادة السيطرة على البلاد، وأخذ يلقي الخطب ويخبر الشعب أنه قد سمع صرختهم من أجل تحقيق العدالة، وأنه سيعمل على إحداث بعض التغييرات، ولكن بلا فائدة. تزايدت التجمعات والاحتجاجات ضد الشاه يوما بعد يوم، وفي العام الدراسي 1978 / 1979 شعر الجميع بالقلق حيال المستقبل. العالم الذي نشأت فيه والقواعد التي كنت أحيا وفقها وأظن أنها ثابتة كما الصخر بدأت تتهاوى أمام عيني. كرهت الثورة، فقد تسببت في العنف وإراقة الدماء، وكنت واثقة أن هذه مجرد بداية. سرعان ما فرض حظر التجول العسكري، وظهر الجنود والشاحنات العسكرية في كل الشوارع. هكذا أصبحت غريبة في عالمي.
وذات يوم اهتز منزلنا مصحوبا بصوت ضجيج مدو هزني من الأعماق، فنظرت من النافذة ورأيت دبابة تتحرك في الشارع، فانتابني الخوف الشديد. لم أكن أعلم أن الدبابات تصدر صوتا مرتفعا مخيفا كهذا، وعندما رحلت لاحظت أن عجلاتها تركت آثارا واضحة على الشارع المرصوف.
وبمرور الأسابيع ازداد الخوف ، ورحل العديد من شاغلي المناصب الحكومية أو العسكرية المهمة عن البلاد، وأخيرا أغلقت المدارس في أواخر خريف 1978. كان شتاء باردا، ونظرا للإضرابات في معامل تكرير النفط وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، حدث نقص في وقود السيارات والتدفئة، وهكذا لم نتمكن إلا من تدفئة غرفة واحدة فحسب. في محطات الوقود اصطفت الطوابير أميالا، وكان الناس يقضون الليل في سياراتهم ينتظرون دورهم في التزود بالوقود. تركت وحدي في المنزل لا شيء لدي أفعله طوال النهار سوى الارتجاف والتحديق من النافذة والشعور بالقلق. شارعنا - شارع «شاه» - الذي كان يكتظ غالبا بالزحام المروري صار مهجورا معظم الوقت، وخلت الأرصفة التي كانت فيما مضى تعج بالمارة ومرتادي المتاجر والباعة، بل ورحل المتسولون أيضا. من حين لآخر تظهر مجموعات ما بين عشرة وعشرين رجلا يشعلون النار في إطارات السيارات، ويكتبون «الموت للشاه» و«يحيا الخميني» على الحوائط مخلفين وراءهم الجو ملبدا بالدخان وممتلئا برائحة الإطارات المحترقة. امتلأ الشارع بضع مرات بالمتظاهرين الغاضبين. كان الرجال يتقدمون المسيرة والسيدات يتبعنهم مرتديات الشادور الأسود، ويلوحون جميعا بقبضات أيديهم في الهواء مرددين شعارات ضد الشاه والولايات المتحدة، وحاملين أعلاما عليها صور آية الله الخميني.
صفحه نامشخص