فتارة يؤلفون فيه الكتب، وتارة ينشرون فيه الكراسات والفصول، وتارة يستكتبون فيه المقالات من اليهود وغير اليهود؛ ليوسعوا العناية به جهدهم، ويجتذبوا إليه القراء الذين لا يقبلون على دعاية ينفرد بها دعاة صهيون.
إحدى هذه المجاميع اشتملت على ستة عشر رأيا بعنوان «مستقبل اليهود»، واشترك فيها طائفة من المؤرخين والصحفيين وأساتذة الجامعات وأعضاء المجالس النيابية، بعضهم من اليهود وبعضهم من المسيحيين ومنهم الألمان والإنجليز والروسيون والبلجيكيون.
ولا يخفى أن أصحاب هذه الآراء من غير اليهود قد استجابوا للرجاء والإلحاح أو استجابوا لداعي المنفعة والهوى ممن يعنيهم جمع الآراء في هذا الموضوع.
وهذه أمثلة من نظرات الصهيونيين إلى مصيرهم، نبدأ بها في هذا الفصل، ونتبعها بفصل آخر عن آراء الأعوان والمجاملين من غير الصهيونيين.
أحد المساهمين في هذه المجموعة أستاذ روسي يسمى شتينبرج
Steinberg
عمل في تدريس الفلسفة بجامعة لنينجراد، واشترك في تأليف الموسوعة اليهودية الكبرى التي تصدر في باريس، ورأيه أن العداوة السامية لم تختف من روسيا بعد اختفاء القياصرة، وأن الجيل الجديد من الناشئة الشيوعية يضمر الكراهية لليهود كما كان يضمرها آباؤهم المتدينون، وأن الكاتب الروسي مكسيم جوركي قد يئس من إزالة هذه العداوة بتدبير الحكومة وسلطان الشريعة، وأشار باصطناع الصبر في علاجها حتى تزول بالتربية والإيحاء في برامج التعليم، فإن السلاح القديم قد تثلم، ولكنه لم ينكسر، ولا يزال حاضرا في أيدي حامليه، والقول الفصل عند شتينبرج في مصير اليهود: «إن الشعب اليهودي في أصل تكوينه هيئة عالمية أو دولية، وإن ستالين قد أصاب حين استبعد حل المشكلة اليهودية في وطن واحد، ولا غنى لها عن عدة أوطان.»
ومن كتاب هذه المجموعة ريجنالد سورنسن
Sorensen
عضو مجلس النواب الإنجليزي عن دائرة ليتون الغربية، ورأيه أنه «من الصواب أن تخصص أقاليم منعزلة في القارة الأوروبية لإقامة اليهود فيها، وأن هذه التجربة لم تفلح في روسيا وقد تخفق في غيرها، ولكنها جديرة بالتكرار حتى تنتظم شئون الوصاية على الأقليات، على نحو يضمن السلامة للأقليات اليهودية».
صفحه نامشخص