حاول «وكيك نابيني» أن يهدئ من روع الكلمات قائلا: يجب اختيار ستة من الكبار للذهاب مع «إيزولو».
صاح «واكا»: يمكنك الذهاب معه إذا كانت قدماك متعطشة للمشي.
كرر «وكيك» اقتراحه بذهاب ستة من كبار «أوموارو» مع كبير الكهنة إلى «أوكبيري»، ثم خاطب «واكا» قائلا: «أجبوفي واكا» أرجوك ألا تتدخل فيما أقول؛ فلقد وقفت أنت وتحدثت بما يكفي دون أن يقاطعك أحد.
نهض «إيزولو» عندئذ وكان وجهه متلألئا من النار المشتعلة بجواره، وعندما شرع في الحديث ساد الصمت، لم تكن كلماته تحمل ضغينة في صدره، ولم يكن غضبه بسبب العداء الواضح في كلمات «واكا»، وإنما بسبب تلك الكلمات الرقيقة من بعض الناس مثل «نابيني» .. تطلعوا إليه كالفئران التي تخترق حذاء النائم وتقرضه، ثم يهب الهواء فوق الجرح ليرطبه، فتهدأ الضحية وتعود للنوم.
قدم التحية ل «أوموارو»، وبدأ حديثه بمرح وخفة روح: لم يكن ندائي لكم واجتماعي بكم لأنني بائس أو تائه أو لأن عيني شاهدت أذني، وإنما أردت فقط أن أعرف الطريقة التي ستتناولون بها حكايتي، وقد فهمت الآن طريقتكم، وها أنا ذا راض وقانع .. حين نقدم قطعة من اليام إلى طفل فإننا نرجوه أن يعطينا منها قطعة صغيرة، ليس لأننا حقا نريد أن نأكلها، وإنما لاختبار طفلنا؛ أي أننا نريد معرفة ما سوف يكون عليه طفلنا حين يكبر، هل سيكون من ذلك النوع من الرجال الذين يوزعون ما يملكون ، أم أنه سيقبض على كل شيء ويحتويه في صدره .. أنتم تعرفون «إيزولو» وتعلمون إذا كان هو ذلك الرجل الذي يهرع لمجرد أن الرجل الأبيض أرسل في طلبه .. إنني لم أسرق الماعز الخاص به، ولم أقتل أخاه أو اغتصبت زوجته، وإلا لكنت اقتحمت الشجيرة عند سماع صوته، لكنني لم أعمل على الإساءة إليه أبدا.
استطرد «إيزولو» قائلا: وفيما يتعلق بما سوف أفعله، فلقد قررت قبل أن أطلب من «إيكولو» مساندتكم، لكنني على يقين بأنني إذا ما فعلت أي شيء بدون التحدث إليكم أولا لقلتم: لماذا لم يخبرنا؟
صمت لحظة قصيرة، ثم أضاف: وها قد أخبرتكم؛ ولذلك فأنا أشعر بسعادة كبيرة .. ليس هذا وقت الكلمات الكثيرة، وعندما يحين موعد الكلمات فسوف نتحدث جميعا حتى يصيبنا التعب، وربما نكتشف عندئذ أن هناك خطيبا آخر في «أوموارو» إلى جانب «واكا»، والآن أحييكم لأنكم استجبتم للنداء. «أوموارو» وينو! .. هيم!
كان «أوكيك أونيني» ذلك العراف الشهير والأخ الأصغر غير الشقيق ل «إيزولو» هو الذي تبعه تلك الليلة إلى المنزل، وطلب منه الذهاب معه إلى «أوكبيري» في الصباح، لكن «إيزولو» رفض طلبه مثلما رفض الجميع بما فيهم صديقه «أكيوبو»، فقد قرر الذهاب بمفرده، ولم يكن في نيته العدول عن قراره، ورغم قطرات المطر الثقيلة التي بدأت تتساقط، فقد نهض «أوكيك أونيني» معتزما الخروج فسأله «إيدوجو»: هلا انتظرت قليلا، ألا ترى السماء؟
أجاب «أوكيك أونيني» متظاهرا بخلو البال: لا يا بني.
ثم أضاف: إن الذين يحملون الدواء الشرير في أجسادهم هم فقط من يخافون المطر.
صفحه نامشخص