صحیح ابن خزیمه
صحيح ابن خزيمة
ناشر
المكتب الإسلامي
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
صحيحُ ابن خُزَيمة
لإمَامِ الأئمة أبي بَكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السّلمي النيسَابوري
ولد سنة ٢٢٣ هـ وَتوفي سنة ٣١١ هـ
رَحِمَهُ الله تعالى
حَققهُ وعَلّق عَلَيه وَخَرّجَ أحَاديثه وَقدَّم له
الدكتور محمد مصطفى الأعظمي
الجزءُ الأول
المكتب الإسلامي
صفحه نامشخص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
براءة جَائزة الملك فيصَل العالمية للدراسات الإسلامية
إن هيئة جائزة الملك فيصل العالمية بعد اطلاعها على نظام جائزة الملك فيصَل العالمية المصَادق عليه من مجلس أمناء مؤسَّسة الملك فيصل الخيرية بالقرار رقم ١١/ ٨٦/ ٩٨ وتاريخ ١٠/ ٨/ ١٣٩٨هـ، وعلى محضر لجنَة الترشيح والاختيار لجائزة الملك فيصل العَالمية للدراسات الإسلامية بتاريخ ٢٦ صفر ١٤٠٠هـ، تقرر منح:
الدكتور/ محمَّد مصطفى الأعظمي
جائزة الملك فيصل العَالمية للدراسات الإسلامية لهذا العام ١٤٠٠هـ، تقديرًا لجهوده في حقل الدراسَات التي تناولت السُّنَّة النبويَّة والمتمثلة فيما يأتي:
١ - إن كتابه "دراسَات في الحديث النَّبوي وتاريخ تدوينه" يُعَد عمَلًا أكاديميًّا جيّدًا يفصح عن جهد علمي محمود وولاء صَادق للسُّنَّة النَّبوية مع الالتزام بالمنهج العلمي في البحث، والدفاع عن السُّنَّة الشريفة بتصدِّيه لآراء المستشرقين ومناقشتها مناقشة علمية ورد شبهاتهم ونقد آرائهم بالأدلة الدامغة، وإسقاط الروايات الضعيفة التي اعتمدوها والكشف في وضوح عن خطأ فهمهم لبعض الروايات العربية. وبذلك يقف كتابه في المقدمة مع الدراسَات المعاصرة الجيدة في تاريخ الحديث ويسهم بنصيب موفور في خدمة السُّنَّة النبوية من ناحية تاريخها وتدوينها وتصنيفها ورد شبهات المغرضين.
٢ - إن كتابه "صحيح ابن خزيمة" الذي نشره وحققه يعد من أهم الكتب بعد صحيح البخاري ومسلم، وقد بذل جهدًا كبيرًا في مقابلة نسخته الفريدة بكتب الأحاديث الأخرى وصوَّب أخطاءها وخرَّج أحاديثها وأبان الحكم عليها ما لم تكن في الصحيحين أو أحدهما، الأمر الذي يدل على تمكّنه من علم الحديث حتى أخرج عملًا علميًّا كبيرًا اقتضى جهدًا ضخمًا أضاف به إلى المكتبة الحديثية جديدًا، فحقَّق بذلك أملًا تطلَّع إليه الكثيرون من المعنيين بالسُّنَّة النبويَّة.
٣ - إن مشروعه ""الكمبيوتر واستعماله في خدمة السُّنَّة النبويَّة" يقدم تجربة فعلية أولية باللغة العربية في استخدام الحاسب الآلي في حقل الدراسات الحديثية، وذلك عمل ضخم يستنفد لاستكماله الكثير من الوقت والجهد، ولا شك أن عمله هذا عندما يكتمل سيكون له نفع عظيم يتمثل في إيجاد الموسوعة الحديثية وهي عمل ضخم تمس الحاجة إليه.
وإن هيئة الجائزة إذ تمنحه ذلك فإنها ترجو الله له السَّدَاد والتوفيق في خدمة السُّنَّة النبويَّة الشريفة
والله ولي التوفيق
صدرت في الرياض بتاريخ الخامس والعشرين من ربيع الأول ١٤٠٠هـ
الموافق ١٢ فبراير ١٩٨٠م
رئيس هيئة الجائزة
خالد الفيصل بن عبد العزيز
1 / 3
مُقدِّمة المحقِّق لِلطَّبعَة الثَّالِثَة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد؛ فهذه الطبعة الثالثة من كتاب "صحيح ابن خزيمة" نقدمها للقارئ الكريم، راجين الله ﷾ أن ينفع بها، كما نفع بطبعاتها السالفة، سائلين المولى أن يدَّخر لنا بها الأجر والثَّواب ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)﴾ [الشعراء: ٨٨ - ٨٩].
وتتميز طبعتنا هذه: بتنضيد جديد لحروفها، وإعادة ترقيم أبوابها، وإضافة بعض التعليقات الموجزة، وتصويب الإحالات وما ندّ عنَّا من كلمات عرفنا الصواب في غيرها، وبعمل الفهارس المتعددة لها تيسيرًا على القارئ الكريم.
وقبل أن أختم كلمتي، لابدَّ لنا من إزجاء الشكر إلى كل من أسهم في إخراجها، وخاصة الإخوة العاملين في المكتب الإسلامي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الرياض: غرة صفر ١٤٢٤هـ
٣ نيسان ٢٠٠٣م
محمد مصطفى الأعظمي
1 / 5
شُكر وَتَقدير
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سبحان الله مقدر الأقدار وخالق الأسباب؛ فإنه ليس للواحد منا أدنى فضل فيما يُكتب له من توفيق في عمل قام به، أو من سداد في طريق سلكها وتخطى عقباتها، وإنما الفضل كل الفضل إلى بارئ النسمة وفالق الإصباح ومن بيده الخير لمن أراد وأنَّى شاء.
كان ذلك عام ١٣٨١هـ عندما كتب لي زيارة القطر الشقيق تركيا وتمتعت عيناي بمرأى عاصمة الخلافة استنبول، وصحيح أنه كان في ذهني وأنا أقصدها بل ومن أبرز الدوافع لزيارتها أن أنقب في مكتبات هذه المدينة وأكشف النقاب عن الثمين والنادر من المخطوطات في الحديث، إلا أن هذا التصور الذهني والأمل النفسي باتا ضعيفين، إن لم يتبددا، لأن وفدًا من الجامعة العربية قد زار هذه المكتبات وسبقني إلى البحث والتنقيب عن المخطوطات، فقد أيقنت أن الإخوة الكرام لن يفوتهم ما أطلب، والجوهر جذاب وإن كان بين طبقات الثرى -كما يقولون- فلا شك في أنهم قد صوروا الكثير منها إن لم يكن جميعها.
وحدث ما لم أتوقعه، فحباني الله -وله الفضل والمنة- بعدة مخطوطات نادرة، من بينها هذه الجوهرة التي طالما افتقدها الكثير: "صحيح ابن خزيمة"، ولا أعتقد أن أحدًا قد اطلع على هذا الكتاب وصوره قبل
1 / 7
تصويري. فلله الحمد أولًا وثانيًا إذ إليه يرجع الفضل والتوفيق.
ولا يفوتني أن أذكر هنا أن رحلتي إلى تركيا لم تكن لترى بصيص الحياة لولا التشجيع المادي والمعنوي من العالم الجليل سمو الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني حاكم قطر السابق، حفظه الله، فله مني الشكر ومن كافة محبي الأحاديث النبوية، حيث كُتب لكتاب أن يرى النور الأول مرة بعد أن كان محبوسًا في رفوف المكتبات قرونًا عديدة، ولطالما تمنى رؤيته كبار العلماء والمحدثين.
وكم من يد قدمها لي طلابي من نسخ ومراجعة البروفات المطبعية وفي مقدمة هؤلاء أحمد محمد نور سيف وعمر بن حسن وعبد الله حافظ.
وأيدٍ أخرى كريمة قدمها لي الصديقان العزيزان مظهر الأعظمي وضياء الحسن الأعظمي اللذان ساعداني في نسخ جزء من الأصول.
والأستاذ محمد زهير الشاويش صاحب المكتب الإسلامي في بيروت وناشر هذا الكتاب يستحق مني كل ثناء وتقدير، فقد كانت مكتبته ومشورته خير عون لي في الصيف في تحقيق الكتاب، فجزاه الله عني خيرًا.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه لولا الاهتمام الشخصي لأصحاب مطابع دار القلم لما ظهر الكتاب بهذا المظهر، كيف لا وطبع الكتاب في بيروت وأنا في مكة المكرمة بعيد عن ذلك؟.
وفضيلة الشيخ المحدث الكبير ناصر الدين الألباني له مني وافر الشكر فقد قبل القيام بمراجعة تجارب الطبع وكتابة التعليقات اللازمة التي رفعت قيمة الكتاب المعنوية، ويسرت سبل الاستفادة منه، ولا أنسى في خاتمة المطاف أن أقدم جريل شكري للآنسة ملك هنانو بالمجمع العلمي بدمشق، فقد قامت بنسخ أشياء عدة من "سير أعلام النبلاء" و"تاريخ دمشق".
لهؤلاء جميعًا -وكثير ممن لم أذكرهم وكان لهم فضل في إخراج
1 / 8
هذا الكتاب- أدعو الله العلي القدير أن يجزل لهم المثوبة -على حسن صنيعهم- في الدارين وهو نعم المولى ونعم النصير.
وأخيرًا أحمد الله وأشكره وأسلم على رسوله ﷺ إذْ وفقني لاكتشاف هذا الكتاب أولًا ثم تقديمه للعالم الإسلامي ثانيًا والحمد لله رب العالمين.
مكة المكرمة - شعبان ١٣٩٠هـ
1 / 9
مُقدِّمة المحقِّق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ابن خزيمَة وصَحِيحُه
يُعد القرنان الثالث والرابع الهجريان من أنضج قرون الثقافة الإسلامية إنتاجًا، وما غرس في القرن الأول على يد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وسقي على أيدي التابعين وأتباع التابعين في القرن الثاني بدأ يؤتي أكله ناضجًا شهيًا في القرنين الثالث والرابع.
في هذا العصر الذهبي ولد إمام الأئمة فقيه الآفاق المجتهد المطلق، أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري مولى مجشر بن مزاحم، في شهر صفر سنة ثلاث وعشرين ومائتين بنيسابور (١).
_________
(١) مصادر ترجمة ابن خزيمة:
الإرشاد للخليلي، مخطوط ق ١٧٢.
البداية والنهاية لابن كثير ١١: ١٤٩.
تاريخ جرجان للسهمي ٤١٣.
تاريخ نيسابور (المختصر) ٥١.
تذكرة الحفاظ للذهبي ٧٢٠ - ٧٢١.
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي ٣/ ٢: ٩٦.
سير أعلام النبلاء للذهبي، مخطوط، ٩: ٢٣٥ - ٢٤٠. (المطبوع ١٤: ٣٦٥ - ٣٨٢).
طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣: ١٠٩ - ١١٩.
طبقات الفراء للجزري ٢: ٩٧. =
1 / 11
عني بالحديث منذ حداثته، وسمع من إسحاق بن راهويه المتوفى سنة ٢٣٨ هـ، ومحمد بن حميد المتوفى سنة ٢٣٠هـ "ولم يحدث عنهما لكونه كتب عنهما في صغره وقبل فهمه وتبصره" (١).
رحلاته لطلب العلم:
وعلى سنة الزمان أراد أن يرتحل لسماع الحديث النبوي، وكان يرغب في الذهاب إلى قتيبة، فاستأذن أباه، فأجابه: "اقرأ القرآن أولًا حتى آذن لك".
يقول ابن خزيمة: "فاستظهرت القرآن، فقال لي: امكث حتى تصلي بالختمة، ففعلت، فلما عيدنا أذن لي، فخرجت إلى مرو وسمعت بمرو الروذ من محمد بن هشام -يعني صاحب هشيم- فنعى إلينا قتيبة" (٢).
وكانت وفاة قتيبة في سنة أربعين ومائتين (٣).
فعلى هذا بدأ ابن خزيمة رحلاته العلمية وهو في السابعة عشرة من عمره، وقد اتسعت رحلاته حتى شملت الشرق الإسلامي حينذاك، فسمع:
بنيسابور ... ابن راهويه وغيره.
وبمرو ... علي بن محمد وغيره.
_________
= العبر للذهبي ٢: ١٤٩.
المنتظم لسبط ابن الجوزي ٦: ١٨٦.
الوافي بالوفيات للصفدي ٢: ١٩٦.
(١) سير أعلام النبلاء ٩: ٢٣٥ أ-ب.
(٢) تذكرة الحفاظ ٧٢٢، سير أعلام النبلاء ٢٣٦:٩ ب.
(٣) قتيبة بن سعيد: ثقة ثبت، مات سنة ٢٤٠هـ عن تسعين سنة، روى عنه البخاري ثلاثمائة وثمانية أحاديث، ومسلم ستمائة وثمانية وسنين حديثًا. تهذيب ٨: ٣٦٠ - ٣٦١.
1 / 12
وبالري ... محمد بن مهران وغيره.
وبالشام ... موسى بن سهل الرملي وغيره.
وبالجزيرة ... عبد الجبار بن العلاه وغيره.
وبمصر ... يونس بن عبد الأعلى وغيره.
وبواسط ... محمد بن حرب وغيره.
وببغداد ... محمد بن إسحاق الصاغاني وغيره.
وبالبصرة ... نصر بن علي الأزدي الجهضمي وغيره.
وبالكوفة ... أبا كريب محمد بن العلاء الهمداني وغيره (١).
كما سمع من البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري والذهلي وخلق.
روى عنه جماعة من مشايخه منهم البخاري ومسلم خارج الصحيحين. ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم شيخه، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبو علي النيسابوري وخلائق (٢)، وآخر من روى عنه بنيسابور حفيده أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة (٣).
شجاعته الأدبية:
كان ابن خزيمة جريئًا لا يخاف الأمراء والولاة ولا يهابهم، قال أبو بكر بن بالويه: "سمعت ابن خزيمة يقول: كنت عند الأمير إسماعيل بن أحمد فحدَّث عن أبيه بحديث وهم في إسناده فرددته عليه، فلما خرجت من عنده قال أبو ذر القاضي: قد كنا نعرف أن هذا الحديث خطأ منذ عشرين سنة فلم يقدر واحد منا أن يرده عليه، فقلت له: لا يحل لي أن أسمع حديث رسول الله ﷺ فيه خطأ أو تحريف فلا أرده" (٤).
_________
(١) انظر المنتظم لسبط ابن الجوزي ٦: ١٨٤.
(٢) طبقات الشافعية الكبرى ٣: ١١٠.
(٣) الإرشاد للخليلي ق ١٧٢أ.
(٤) طبقات الشافعية للسبكي ٣: ١١١.
1 / 13
كرمه وسخاؤه:
كان ابن خزيمة ﵁ سخيًا جوادًا كريمًا، كان يتصدق حتى بملابسه، ويبدو أنه لم يكن يلبس القميص الواحد مرتين (١).
قال محمد بن الفضل: كان جدي أبو بكر لا يدخر شيئًا جهده، بل ينفقه على أهل العلم، ولا يعرف صنجة الوزن ولا يميز بين العشرة والعشرين (٢) "ربما أخذنا منه العشرة فيتوهم أنها خمسة" (٣).
وقال الحاكم: إن ابن خزيمة عمل دعوة عظيمة ببستان جمع فيها الفقراء والأغنياء ونقل كل ما في البلد من الأكل والشواء والحلوى، وكان يومًا مشهودًا بكثرة الخلائق، ولا يتهيأ مثله إلا لسلطان كبير (٤) وكان ذلك في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثمائة (٥).
ثناء الأئمة عليه:
قال ابن حبان: "ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن ويحفظ ألفاظها، الصحاح وزياداتها حتى كأن السنن كلها بين عينيه، إلا محمد بن إسحاق فقط" (٦).
وقال الدارقطني: كان ابن خزيمة ثبتًا معدوم النظير (٧).
وقال ابن أبي حاتم وقد سئل عن ابن خزيمة: ويحكم، هو يُسأل عنّا ولا نُسأل عنه، وهو إمام يقتدى به (٨).
_________
(١) طبقات الشافعية للسبكي ٣: ١١١.
(٢) طبقات الشافعية للسبكي ٣: ١١٩.
(٣) سير أعلام النبلاء ٩: ٢٣٦ ب.
(٤) طبقات الشافعية ٣: ١١٩.
(٥) سير أعلام النبلاء ٩: ٢٣٨أ.
(٦) طبقات الشافعية ٣: ١١٨؛ تذكرة الحفاظ ٧٢٣.
(٧) طبقات الشافعية ٣: ١١٨؛ تذكرة الحفاظ ٧٢٨.
(٨) طبقات الحفاظ ٧٢٩؛ طبقات الشافعية ٣: ١١٨.
1 / 14
وقال أبو علي الحسين بن محمد الحافظ: "لم أرَ مثل محمد بن إسحاق، قال: وكان ابن خزيمة يحفظ الفقهيات من حديثه كما يحفظ القارئ السورة" (١).
وقال ابن السريج: ابن خزيمة يخرج النكت من حديث رسول الله ﷺ بالمنقاش (٢).
وفاته:
توفي ابن خزيمة ليلة السبت الثاني من ذي القعدة سنة إحدى عشرة وثلائمائة وصلى عليه ابنه أبو النصر، ودفن في حجرة في داره، ثم صيرت تلك الحجرة مقبرة، رحمة الله عليه رحمة واسعة.
قال بعض أهل العلم في رثائه (٣):
يا ابن إسحاق قد مضيت حميدًا ... فسقى قبرك السحاب الهتون
ما توليت، لا بل العلم وَلّى ... ما دفناك بل هو المدفون
قال الحاكم: فضائل ابن خزيمة مجموعة عندي في أوراق كثيرة (٤)، ومصنفاته تزيد على مائة وأربعين كتابًا سوى المسائل، والمسائل المصنفة مائة جزء، وله فقه حديث بريرة في ثلاثة أجزاء.
وقال السبكي: "من أراد الإحاطة بترجمته فعليه بها في تاريخ نيسابور للحاكم أبي عبد الله" ولكن هل بقي لنا التاريخ؟؟؟
مؤلفاته:
يذكر أبو عبد الله الحاكم -كما رأينا- أن مؤلفات ابن خزيمة تزيد
_________
(١) تذكرة الحفاظ ٧٢٨.
(٢) طبقات الشافعية ٣: ١١٢.
(٣) طبقات الشافعية ٣: ١١٢.
(٤) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ٩: ٢٣٩ ب: "ولابن خزيمة ترجمة طويلة في تاريخ نيسابور تكون بضعًا وعشرين ورقة".
1 / 15
على مائة وأربعين، والمراجع المتوفرة في أيدينا لا تعطي آية فكرة عن مؤلفاته، بل تبخل علينا حتى بأسمائها. ولا نعلم في الوقت الحاضر إلا كتاب "التوحيد" الذي طبع من قبل، وهذا الجزء المتبقي من صحيحه.
وكتاب آخر له باسم: "شأن الدعاء وتفسير الأدعية المأثورة عن رسول الله ﷺ" وهو من محفوظات الظاهرية. ومن عادة ابن خزيمة أنه يحيل كثيرًا إلى مؤلفاته ويذكرها في ثنايا كتبه، كما هو واضح لكل دارس لكتابيه "التوحيد" و"صحيحه". وبدراسة هذين الكتابين دراسة إجمالية، أُقدم الآن قائمة لبعض كتبه التي ورد ذكرها في هذين الكتابين:
١ - كتابة الأشربة (١).
٢ - كتاب الإمامة (٢).
٣ - كتاب الأهوال (٣).
٤ - كتاب الإيمان (٤).
٥ - كتاب الأيمان والنذور (٥).
٦ - كتاب البر والصلاة (٦).
٧ - كتاب البيوع (٧).
٨ - كتاب التفسير (٨).
٩ - كتاب التوبة (٩).
١٠ - كتاب التوكل (١٠).
_________
(١) التوحيد ص ٢٣٥.
(٢) التوحيد ص ٧٨؛ الصحيح ص ٢٦٠؛ ٢٩٠، ٣٠٣.
(٣) التوحيد ص ١٨٤.
(٤) التوحيد ص ٣٨، ١١٧، ٢٢٤، ٢٢٧، ٢٤٩؛ الصحيح ص ٦٢، ١٩٢.
(٥) التوحيد ص ٢٣٢.
(٦) التوحيد ص ٢٣٥.
(٧) الصحيح ص ١٤٠.
(٨) التوحيد ص ١٣٤؛ الصحيح ص ٢٥٦.
(٩) التوحيد ص ٥١.
(١٠) التوحيد ص ٩٧.
1 / 16
١١ - كتاب الجنائز (١).
١٢ - كتاب الجهاد (٢).
١٣ - كتاب الدعاء (٣).
١٤ - كتاب الدعوات (٤).
١٥ - كتاب ذكر نعيم الجنة (٥).
١٦ - كتاب ذكر نعيم الآخرة (٦).
١٧ - كتاب الصدقات (٧).
١٨ - كتاب الصدقات من كتابه الكبير (٨).
١٩ - كتاب صفة نزول القرآن (٩).
٢٠ - كتاب المختصر من كتاب الصلاة (١٠).
٢١ - كتاب الصلاة الكبير (١١).
٢٢ - كتاب الصلاة (١٢).
٢٣ - كتاب الصيام (١٣).
_________
(١) التوحيد ص ١٢، ٧٩، ٢٤٢.
(٢) التوحيد ص ٢٩، ١٥٣، ٢٣٩؛ انظر أيضًا: تذكرة الحفاظ ٧٢٤؛ سير أعلام النبلاء ٩: ٢٣٦ ب.
(٣) التوحيد ص ٥، ١٠، ٨٠، ١٠٧ وتوجد في الظاهرية مخطوطة لابن خزيمة باسم شأن الدعاء.
(٤) التوحيد ص ٢٥.
(٥) التوحيد ص ٧١.
(٦) التوحيد ص ٢٠٧، ٢٠٨.
(٧) التوحيد ص ٤٣.
(٨) التوحيد ص ١٠٤.
(٩) التوحيد ص ٩٨.
(١٠) التوحيد ص ٢٢٧.
(١١) التوحيد ص ٢٠٠، ٢٤٩، ٣١٢.
(١٢) التوحيد ص ٢٥، ٧٨، ٢٤٥.
(١٣) التوحيد ص ٩.
1 / 17
٢٤ - كتاب الطب والرقى (١).
٢٥ - كتاب الظهار (٢).
٢٦ - كتاب الفتن (٣).
٢٧ - فضل علي بن أبي طالب (٤).
٢٨ - كتاب القدر (٥).
٢٩ - كتاب الكبير (٦).
٣٠ - كتاب اللباس (٧).
٣١ - كتاب معاني القرآن (٨).
٣٢ - كتاب المناسك (٩).
٣٣ - كتاب الورع (١٠).
٣٤ - كتاب الوصايا (١١).
٣٥ - كتاب القراءة خلف الإمام (١٢).
وبعد تقصّي أسماء هذه الكتب من كتابي ابن خزيمة يعترضني تساؤل: ترى هل ألّف ابن خزيمة هذه الكتب وسماها بهذه الأسماء وكل منها كتاب مستقل قائم بذاته؟ أم أنها في الواقع أسماء لأجزاء صغيرة تكوِّن -مجتمعة-
_________
(١) التوحيد ص ١٠٩.
(٢) التوحيد ص ٣٢، ٨٢.
(٣) التوحيد ص ٣٢، ١١٥.
(٤) التوحيد ص ٢٣.
(٥) التوحيد ص ٤، ٣٨، ٣٩، ٤٠، ٥٥.
(٦) التوحيد ص ٢٩٠، ٣٤٢.
(٧) الصحيح ص ٤٠٣.
(٨) التوحيد ص ١٨٥، ١٩٩، ٢٣٨؛ الصحيح ص ٢٧٨، ٢٨٠.
(٩) التوحيد ص ١٥٤.
(١٠) التوحيد ص ٢٣٢.
(١١) التوحيد ص ١٣.
(١٢) التوحيد ص البيهقي، السنن الكبرى ٢: ١٧٠.
1 / 18
كتابًا واحدًا كبيرًا؟ أم البعض منها كتب كبيرة والبعض الآخر أجزاء من كتاب كبير؟.
ولعل الاحتمال الأخير هو الأرجح، والذي دفعنا لهذا أننا نرى أسلوب المحدثين في كتبهم على هذه الشاكلة، كل كتاب منها يشتمل على عديد من الكتب. فمثلًا كتاب "صحيح البخاري" يشتمل على:
١ - كتاب الإيمان. ٢ - كتاب العلم. ٣ - كتاب الوضوء. ٤ - كتاب الغسل. ٥ - كتاب الحيض. ٦ - كتاب التيمم. ٧ - كتاب الصلاة ... وهلمّ جرّا. وابن خزيمة لا بد أنه سلك هذا الطريق، ويتقوى هذا الظن بمقارنة كتاباته بعضها ببعض، فمثلًا:
١ - يقول ابن خزيمة في كتاب "التوحيد" ص ٤٢: " .. عن سعيد بن يسار أبي الحباب أنه سمع أبا هريرة بهذا الحديث موقوفًا ... خرّجت هذا الباب في كتاب الصدقات أول باب من أبواب صدقة التطوع".
والحديث المذكور أعلاه نجده في الورقة (٢٤٦ - ب رقم (٢٤٢٥) من "صحيح ابن خزيمة"، جماع أبواب صدقة التطوع، باب في فضل الصدقة.
٢ - ذكر ابن خزيمة في كتاب "التوحيد" ص ٧٨. شهود الملائكة صلاة العصر وصلاة الفجر، فقال: "خرّجت هذا الباب بتمامه في كتاب الصلاة وكتاب الإمامة".
والحديث المشار إليه موجود بتمامه في كتاب الصلاة من "صحيح ابن خزيمة"، الحديث رقم (٣٢١، ٣٢٢)، وأشار إلى هذا الحديث في كتاب الإمامة، فقال: "أمليت في أول كتاب الصلاة".
٣ - وفي كتاب "التوحيد"، ص ٩، ذكر حديثًا في فضائل الصيام، وقال: "قد أمليت أخبار النبي ﷺ .. بعضه في كتاب الصيام وبعضه في كتاب الجهاد" ونجد الحديث ذاته موجودًا في "صحيح ابن خزيمة" ورقة (٢١٧ - ب).
1 / 19
إذن من المحتمل أن بعض هذه الكتب التي أوردت أسماءها في قائمة مؤلفات ابن خزيمة أجزاء من كتبه الكبيرة.
صحيح ابن خزيمة، تسميته:
لم يرد في قائمة مؤلفاته التي سبقت ذكر لـ "صحيح ابن خزيمة"، إذ لم يشر إليه ابن خزيمة في كتاب "التوحيد"، رغم مكانة هذا الكتاب بين مؤلفاته، فما هو السر؟ في الواقع إن ابن خزيمة لم يسم كتابه باسم "الصحيح" كما أن ابن حبان لم يسم كتاب "صحيح ابن حبان"، بل إن البخاري نفسه لم يسم كتابه بـ "صحيح البخاري"، بل سماه "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيامه" (١).
وسمى ابن حبان كتابه بـ "المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع"، كذلك سمى ابن خزيمة كتابه بـ "مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي". لكن هذه الكتب اشتهرت مؤخرًا باسم "الصحيح".
ولم أجد أحدًا من المتقدمين سمى كتاب ابن خزيمة باسم "الصحيح".
قال الخليلي (ت سنة ٤٤٦هـ) في الإرشاد: "وآخر من روى عنه (أي عن ابن خزيمة) بنيسابور سبطه محمد بن الفضل، روى عنه "مختصر المختصر" وغيره (٢).
وقال البيهقي (المتوفى سنة ٤٥٨هـ) في "السنن الكبرى" (١: ٤٣٤): " ... رواه محمد بن خزيمة في "مختصر المختصر" ... ".
وبهذا الاسم ذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء"، (١١: ٢٣٩ ب)، فقال: "وقد سمعنا "مختصر المختصر" له عاليًا. ... ".
أما الخطيب البغدادي (ت سنة ٤٦٣هـ) فلم يسم لنا اسم الكتاب،
_________
(١) مقدمة ابن الصلاح ٢٤، ٢٥.
(٢) الإرشاد ١٧٢ ب.
1 / 20
ولكنه ذكر في معرض ما حقه التقديم في السماع، فقال: " .. أحقها بالتقديم كتاب الجامع والمسند الصحيحين لمحمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج النيسابوري ... وكتاب محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري الذي يشترط فيه على نفسه إخراج ما اتصل سنده بنقل العدل عن العدل إلى النبي ﷺ ... " (١).
وذكر ابن الصلاح (ت سنة ٦٤٣هـ) هذا الكتاب فيمن اشترط جمع الصحيح في كتبه، وقال: "ككتاب ابن خزيمة" (٢).
ولكنه في وقت متأخر نسبيًا بدأ يشتهر الكتاب باسم "صحيح ابن خزيمة" ويستعمل المنذري (المتوفى سنة ٦٥٦هـ) في كتابه "الترغيب والترهيب" (١: ٤٣) اسم الصحيح، فيقول: "ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"، نحو هذا وكذلك في أماكن أخرى من هذا الكتاب".
ويقول الدمياطي (ت سنة ٧٠٥هـ): "إن كتاب "صحيح ابن خزيمة" لم يقع له منه إلا ربعه الأول" (٣) .. وقال التركماني (المتوفى سنة ٧٤٥هـ): ولهذا أخرج أبو بكر بن خزيمة في "صحيحه". انظر تعليقه على "السنن الكبرى" (١: ١٠١).
ويسميه الزيلعي (ت سنة ٧٦٢هـ) في "نصب الراية" باسم "صحيح ابن خزيمة" وبهذا الاسم ذكره ابن حجر والسيوطي وابن فهد والآخرون.
لكن الكتاب الذي اشتهر على ألسنة العلماء والمحدثين باسم "صحيح ابن خزيمة" يبدو أن مؤلفه سماه "مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي ﷺ " (٤).
_________
(١) الجامع للخطيب البغدادي ١٥٧أ-ب.
(٢) التقليد والإيضاح ١٦.
(٣) انظر مقدمة كتاب التوحيد لإدارة المطبعة المنيرية، ولا أدري هذا الكلام نقل حرفيًا أم فيه تصرف.
(٤) ولمزيد من التوضيح انظر الصفحة ٢٩ - ٣٠ من المقدمة.
1 / 21
كيف ألّف ابن خزيمة "الصحيح" أو "مختصر المسند"؟:
يذكر ابن خزيمة في بداية كل كتاب: "المختصر من المختصر من المسند"، فمثلًا يقول في الصفحة ٤٥: كاب الوضوء، "مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي ﷺ"، وفي الصفحة ١٨٦: كتاب الصلاة، "المختصر من المختصر من المسند الصحيح".
وفي الورقة (٢٢٨ - أ) الصفحة ١٠٧٠: كتاب الزكاة، "المختصر من المختصر من المسند .. " وفي الورقة (٢٥٣ - أ) الصفحة ١١٩٩: كتاب المناسك، "المختصر من المختصر من المسند".
ومن هذا يتضح جليًا أن هذا الكتاب ما هو إلا مختصر لكتابه "الكبير". وأشار ابن خزيمة إلى كتابه "الكبير" مرة بعد مرة، كما أشار إلى "المختصر" أيضًا وفرَّق بينهما.
فقال في كتاب "التوحيد" ص ٢٢٧: "قد أمليت طرق هذا الخبر في كتاب "المختصر" من كتاب الصلاة" .. وأشار إلى كتابه "الكبير" في كتاب "التوحيد" ص ١٠٤، فقال: "خرّجته بطوله في كتاب الصدقات من "كتاب الكبير" كما ذكر هذا الكتاب مرة بعد مرة في "الصحيح" ذاته، فقال في الصفحة ٢٧٨: "قد خرّجت طرق هذا الخبر وألفاظها في كتاب الصلاة "كتاب الكبير""، وقال مرة أخرى في الصفحة ٣١٥، ٣١٦: "خرّجته في "كتاب الكبير". وقال بعد ذلك في الصفحة ٣٣٦: "قد خرّجت هذا الباب بتمامه في كتاب الصلاة "كتاب الكبير""، ثم ذكره في الصفحة ٣٦٤ قائلًا: "خبر أيوب عن أبي قلابة خرّجته في "كتاب الكبير"".
المسند الكبير لابن خزيمة:
رأينا أن ابن خزيمة أشار إلى كتابه "الكبير" في كتاب التوحيد وكذلك ذكره مرارًا في هذا المختصر أيضًا. وهنا ينشأ سؤال آخر، هل ألّف ابن خزيمة، "المسند الكبير" أولًا ثم اختصر منه هذا "الصحيح"، أو كان
1 / 22
"المسند الكبير" في شكل المسودات؟ كان يزيد فيه أشياء ويحذف منه، ثم اختصر منه هذا المختصر؟
يستعمل ابن خزيمة عادة صيغة الماضي، فيقول: قد خرّجت، وخرَّجته، وما شاكل ذلك من الكلمات، وهي تشير إلى أنه قد أكمل "المسند الكبير"، لكنا نجده أحيانًا قد غير أسلوبه، فيقول في المختصر الصفحة ٢٦٠: "قد خرّجت باب المشي إلى المساجد في كتاب الإمامة"، ثم يقول في الصفحة ٢٩٠: "وسأخرِّج هذه الأخبار أو بعضها في كتاب الإمامة لكنه يعود فيقول بعد قليل في الصفحة ٢٩١: "قد خرَّجت طرق هذا الخبر في كتاب الإمامة". ويذكر بعد ذلك في الصفحة ٣٠٣ فيقول: "قد بيَّنت في كتاب الإمامة ... ".
علمًا بأن كتاب الإمامة متقدم مئات الصفحات على هذه الأبواب التي وردت فيها الإشارة إلى كتاب الإمامة، بالرغم من هذا يقول مرة: قد خرجت، ويذكر مرة ثانية فيقول: سأخرّج هذه الأخبار ...
والآن، يمكننا أن نلخص فنقول:
١ - إن هذا الكتاب -على الأغلب- مختصر من "مسنده الكبير".
٢ - إن "المسند الكبير"، لم يكن قد تمَّ تأليفه، بل كان يضيف إليه الأشياء حسبما يتراءى له، وربما أضاف أشياء إلى المختصر لم يضفها إلى المسند الكبير.
منهجه في التأليف:
يبدو من كتاباته أنه كان يستعمل منهج الإملاء في تأليف كتبه للأحاديث النبوية، إذ تتكرر كلمة الإملاء في كتاباته، فمثلًا يقول في كتاب "التوحيد"، الصفحة ٣٨: "قد أمليته في كتاب الإيمان".
ويقول في الصفحة ٢٣٢: "فقد أمليت هذا الباب من كتاب الأيمان والنذور".
1 / 23
ويقول في الصفحة ٩٧: "قد أمليت خبر ابن عباس بتمامه في كتاب
التوكل".
ويقول في الصفحة ٨٠: "قد أمليته في كتاب الدعاء".
ويقول في الصفحة ٧١: "قد أمليت هذا الباب في كتاب ذكر نعيم الجنة".
ويقول في الصفحة ٢٢٧: "قد أمليت طرق هذا الخبر في كتاب المختصر".
ويقول في "الصحيح" (١٥٧ - أ) الصفحة ٧١٥: "أمليت في أول كتاب الصلاة".
وهناك أمثلة كثيرة تركتها خوفًا من التطويل، يذكر فيها ابن خزَيمة إملاءه على الطلاب، ويمكننا أن نستنتج في ضوء هذه النصوص أنه كان يقوم بإملاء كتبه على طلابه.
"صحيح ابن خزيمة" ومنزلته العلمية:
قال أحمد شاكر: "صحيح ابن خزيمة" و"المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع"، لابن حبان، و"المستدرك على الصحيحين" للحاكم: "هذه الكتب الثلاثة هي أهم الكتب التي ألفت في الصحيح المجرد بعد "الصحيحين" للبخاري ومسلم" (١). وأضاف إليه قائلًا: "وقد رتب علماء هذا الفن ونقاده، هذه الكتب الثلاثة التي التزم مؤلفوها رواية الصحيح من الحديث وحده، أعني الصحيح المجرد بعد "الصحيحين": البخاري ومسلم، على الترتيب الآتي:
"صحيح ابن حزيمة".
"صحيح ابن حبان".
_________
(١) مقدمة صحيح ابن حبان ٦، ٧.
1 / 24