الصاحبي في فقه اللغة
الصاحبي في فقه اللغة
ناشر
محمد علي بيضون
شماره نسخه
الطبعة الأولى ١٤١٨هـ
سال انتشار
١٩٩٧م
أخاكَ بَلْ أباك" لأن الأوّل قَدْ ثبَّتَّ لَهُ الضرب.
والبصريون يقولون: لمَّا كَانَ "بل" تقع للإضراب، وكنَّا نُضرِب عن النفي وقعت بعد الإيجاب كوقوعها بعد النفي. و"لا بل" مثلها.
وقال قوم: يكون "بَلْ" بمعنى "إِنَّ" فِي قوله جلّ ثناؤه: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ١ معناه: "إنَّ الذينَ كفروا" ﴿فِي عِزَّةٍ﴾ قالوا: وذلك أنَّ القَسَم لا بُدّ لَهُ من جواب.
ويزعُم ناسٌ أنها إِذَا جاءت فِي الإثبات كَانَتْ استدراكًا. تقول: "لقيتُ زيدًا بل عمرًا" وهذا عند الغلط.
بَلْهَ:
قال رسول الله ﷺ: "يقول الله جلّ ثناؤه: أَعدَدْتُ لعبادِيَ الصَّالحينَ مَا لا عَينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعَتْ ولا خَطَر عَلَى قلبِ بَشَر، بَله مَا أطلَعْتُهُم عَلَيْهِ" ٢. قالوا: معناه "سِوى" و"دَعْ" كَأَنَّه قال: "سوى مَا أطلعتهم عَلَيْهِ" و"دَعْ مَا أطلعتهم" قال أبو زُبَيْد٣:
تَمْشي القَطُوف إِذَا غَنَّى الحداة لها٤ ... مشي النَّجِيبَة بَلْهَ الْجِلَّةَ النُّجَبَا
بَيْدَ:
قالوا: "بيد" بمعنى "غَيْرَ". قال رسول الله ﷺ: "نحن الآخِرُونَ السابِقُون يومَ القيامة، بَيْدَ أنَّهم أُوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناهُ من بعدهم" ٥، أي "غيرَ أنهم" قال الشاعر٦:
_________
١ سورة ص، الآية: ١.
٢ غريب الحديث: ١/ ٢٨٦، "إن الجنة لا خطر لها" أي لا مثل لها.
٣ أبو زبيد: هو المنذر بن حرملة الطائي، أدرك الإسلام ولم يسلم، مات سنة ٦٢هـ، والبيت في لسان العرب مادة "بله" لابن هرمة.
٤ دابة قطوف: الدابة إذا ضاق مشيها. والنجيبة: صفة الناقة الكريمة. الجلة: المسن من الإبل.
٥ رواه مسلم: جمعة: ١٩-٢٠، وضوء: ٦٨، أنبياء: ٥٤، أيمان: ١، ديات: ١٥، تعبير: ٤٠، توحيد: ٣٥، والنسائي: جمعة، وأبو داود مقدمة١.
٦ مغني اللبيب: ١/ ١٢٢ بلا عزو، وتاج العروس مادة "رتن" ونسبه إلى منظور بن مرثد. وفيه: أخاف إن هلكت.
1 / 104