صفوة التفاسير
صفوة التفاسير
ناشر
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
على ما بهم من الجراح والإِثخان طاعة لله ﷿ ولرسوله ﷺ َ.
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ واتقوا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ أي لمن أطاع منهم أمر الرسول وأجابه إِلى الغزو - على ما به من جراح وشدائد - الأجرُ العظيم والثواب الجزيل ﴿الذين قَالَ لَهُمُ الناس إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فاخشوهم فَزَادَهُمْ إِيمَانًا﴾ أي الذين أرجف لهم المرجفون من أنصار المشركين فقالوا لهم: إِن قريشًا قد جمعت لكم جموعًا لا تحصى فخافوا على أنفسكم فما زادهم هذا التخويف إِلا إِيمانًا ﴿وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل﴾ أي قال المؤمنون الله كافينا وحافظنا ومتولي أمرنا ونعم الملجأ والنصير لمن توكل عليه جل وعلا ﴿فانقلبوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ﴾ أي فرجعوا بنعمة السلامة وفضل الأجر والثواب ﴿لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سواء﴾ أي لم ينلهم مكروه أو أذى ﴿واتبعوا رِضْوَانَ الله﴾ أي نالوا رضوان الله الذي هو سبيل السعادة في الدارين ﴿والله ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ أي ذو إِحسان عظيم على العباد ﴿إِنَّمَا ذلكم الشيطان يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ أي إِنما ذلكم القائل ﴿إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ﴾ بقصد تثبيط العزائم هو الشيطان يخوفكم أولياءه وهم الكفار لترهبوهم ﴿فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ أي فلا تخافوهم ولا ترهبوهم فإِني متكفل لكم بالنصر عليهم، ولكن خافوا إن كنتم مؤمنين حقًا أن تعصوا أمري فتهلكوا، والمراد بالشيطان «نعيم ابن مسعود الأشجعي» الذي أرسله أبو سفيان ليثبط المسلمين، قال أبو حيان: وإِنما نسب إِلى الشيطان لأنه ناشيء عن وسوسته وإِغوائه وإِلقائه ﴿وَلاَ يَحْزُنكَ الذين يُسَارِعُونَ فِي الكفر﴾ تسلية للنبي ﷺ َ أي لا تحزن ولا تتألم يا محمد لأولئك المنافقين الذين يبادرون نحو الكفر بأقوالهم وأفعالهم، ولا تبال بما يظهر منهم من آثار الكيد للإِسلام وأهله ﴿إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئًا﴾ أي إِنهم بكفرهم لن يضروا الله شيئًا وإِنما يضرون أنفسهم ﴿يُرِيدُ الله أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخرة﴾ أي يريد تعالى بحكمته ومشيئته ألاّ يجعل لهم نصيبًا من الثواب في الآخرة ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ أي ولهم فوق الحرمان من الثواب عذاب عظيم في نار جهنم ﴿إِنَّ الذين اشتروا الكفر بالإيمان لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي الذين استبدلوا الكفر بالإيمان وهم المنافقون المذكورون قبل، لن يضروا الله بكفرهم وارتدادهم ولهم عذاب مؤلم ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ﴾ أي لا يظنَّن الكافرون أن إِمهالنا بدون أجزاء وعذاب، وإِطالتنا لأعمارهم خير لهم ﴿إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمًَا﴾ أي إِنما نمهلهم ونؤخر آجالهم ليكتسبوا المعاصي فتزداد آثامهم ﴿وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ أي ولهم في الآخرة عذاب يهينهم ﴿مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ المؤمنين على مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حتى يَمِيزَ الخبيث مِنَ الطيب﴾ هذا وعدٌ من الله لرسوله بأنه سيميّز له المؤمن من المنافق والمعنى لن يترك الله المؤمنين مختلطين بالمنافقين حتى يبتليهم فيفصل بين هؤلاء وهؤلاء، كما فعل في غزةو أُحد حيث ظهر أهل الإِيمان وأهل النفاق قال ابن كثير «أي لا بدّ أن يعقد شيئًا من المحنة يظهر فيها وليُّه ويُفضح بها عدوه، يُعرف به المؤمن الصابر من المنافق الفاجر، كما ميّز بيمهم يوم أُحد» .
﴿وَمَا كَانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغيب﴾ قال الطبري: وأولى الأقوال بتأويله: أي وما كان الله ليطلعكم
1 / 224