321

صفوة الاختيار في أصول الفقه

صفوة الاختيار في أصول الفقه

ژانرها

فصل:[في تعارض العلل وتنافيها]

ذكر شيخنا في تعارض العلل وتنافيها:

اعلم أن وصفنا بأن العلل متعارضة متنافية قد يفهم منه أنها متضادة تضادا يستحيل معه اجتماعها كتضاد السواد والبياض، وهذا غير ثابت في العلل الشرعية؛ لأن الأكل والكيل والطعم قد اجتمعن في البر، وعلل كل قوم من أهل العلم تحريم التفاضل بواحدة منهن.

وإنما التضاد عند أهل اللغة يفيد اختلاف الأحكام، ولا فرق عندهم بين التضاد والإختلاف، وقد يفهم منه أنه لا يجتمع كونها عللا وذلك ضربان:

أحدهما: أن لا يجتمع كونها مؤثرة في أحكامها لتنافي أحكامها.

والثاني: يرجع إلى أمر سوى تنافي أحكامها، وهو أن لا يوجد في الأمة من علل ذلك الأصل بعلتين بل كل منهم علله بعلة واحدة، فالمتنافي أحكامها لا بد أن يكون أصلها أكثر من واحد أو يستحيل أن يكون أصلها واحدا.

إلا أنه لو كان أصلها واحدا لكان قد اجتمع في الأصل الواحد حكمان متنافيان، وذلك محال، وإذا ثبت أن أصل العلتين المتنافيتين الحكم إثنان فصاعدا.

مثاله: وجوب النية ونفي وجوبها في إزالة النجاسة بعلة أنها طهارة بالماء ورده إلى التيمم بعلة أنه طهارة عن حدث.

وإن امتنع كونها متضادة لعلة سوى تنافي أحكامها فبأن لا يكون في الأمة من علل ذلك الأصل بعلتين كل منهم علله بعلة واحدة.

مثاله: تعليل التفاضل في البر بكونه مكيلا ومأكولا ومقتاتا، وليس كل منهم علله بتعليل واحدة منها ولا باثنتين منها، ومتى تنافت العلل واشتبه القول في فروعها وجب الرجوع إلى الترجيح، فينبغي أن يتكلم قبل ذلك في غلبة الأشباه.

صفحه ۳۴۶