صفوة الاختيار في أصول الفقه
صفوة الاختيار في أصول الفقه
ژانرها
واعلم أن الخبر عندنا لا يخرج عن الصدق والكذب، وإنما حصرناه في هذين النوعين؛ لأن القسمة فيه دائرة بين النفي والإثبات، والقسمة إذا دارت بين النفي والإثبات لم يجز دخول متوسط.
وإنما قلنا إنها دائرة؛ لأن حد الصدق عندنا: هو الخبر الذي يكون مخبره أو ما يجري مجرى المخبر على ما تناوله.
والكذب هو الخبر الذي لا يكون مخبره أو ما يجري مجراه على ما تناوله، والقسمة إذا دارت بين النفي والإثبات لم يجز دخول متوسط بينهما، فلا يكون جهلنا بحال المخبر، يخرجه عن حد هذين النوعين.
وقد قال الله تبارك وتعالى حاكيا عن المنافقين: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون(11) لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم} [الحشر:1112]، فأخبر عن حالهم في المستقبل، ووصف كذبهم في الخبر وهو أمر لم يتبين لهم حاله بعد هل هو ما قالوا أم بخلافه؟ لأنه لا سبيل للعباد إلى علم الحال في المستقبل فبطل ما قاله الجاحظ(1).
وقد ذكر شيخنا رحمه الله تعالى حدودا لأهل العلم في الصدق والكذب واعترضها باعتراضات لازمة، وغرضنا حصر الفائدة بالإيجاز إلا فيما لا بد من ذكره.
صفحه ۱۶۶