سعد زغلول زعیم الثوره
سعد زغلول زعيم الثورة
ژانرها
ثم ندب الحاضرون وفدا من حضرات فتح الله بركات باشا، ومحمد محمود باشا، وعبد الحميد سعيد أفندي لرفع القرار إلى جلالة الملك وتبليغه إلى الوزارة.
أما الوزارة فقد كان كل ما وسعها بعد هذا الاجتماع أنها كتبت إلى مفتش الجيش العام تلفته إلى مسلك الضباط والجند، الذين أدوا التحية العسكرية لسعد وهو يمر بمجلس النواب في طريقه من بيت الأمة إلى فندق الكنتننتال!
وقد اجتمع أصحاب السمو الأمراء بعد اجتماع البرلمان، واتفقوا على كتابة عريضة إلى جلالة الملك يؤيدون فيها إعادة الحياة النيابية إجابة لقرار الشيوخ والنواب.
وبين هذه المآزق التي لا تعيش معها وزارة في بلد مستقل، لم ينقطع رجاء الوزارة الزيورية في التعمير وحكم البلاد بالدستور أو بغير الدستور، بل راحت تشرع القوانين لفض الأحزاب، وتمحو وتثبت في قانون الانتخاب، وعندها أنها بخير ما دامت لا تسمع من الإنجليز شرا ولا تحس منهم نفورا، والإنجليز لم يسمعوها الشر ولم يشعروها النفور؛ لأنهم كانوا ينتظرون منها الخدمة الأخيرة وهي تسليم جغبوب إلى الحكومة الإيطالية، فسلمتها ووقعت المعاهدة في سادس ديسمبر، وظنت أنها قد اشترت البقاء من الإنجليز بهذا الثمن الفادح، ولم تدر أنها قد ختمت بيديها على كتاب موتها، وكتبت وصيتها حين كتبت تلك الوثيقة.
ففي اليوم السادس أمضيت المعاهدة، وفي اليوم الثامن قابل اللورد جورج لويد جلالة الملك، وطلب إلى جلالته إقصاء حسن نشأت باشا عن القصر، متذرعا بما حام حول اسمه من الأقاويل في قضية مقتل السردار، فأجيب إلى طلبه بعد ممانعة قصيرة الأجل، وأقصي نشأت باشا إلى وظيفة في السلك السياسي لم تكن مما يرتضيه.
وقد استمر التحدي والنضال بين الوزارة والأحزاب، فأجمعت الأحزاب على تجاهل قوانينها، وأضرب العمد عن تنفيذ قانون الانتخاب، وحكم القضاء ببراءتهم حين أحيلوا إليه بتهمة عصيان القوانين ومخالفة الأوامر، وازداد التقارب بين الأحزاب بهذه الوحدة بينها في محاربة الوزارة، فكان أقوى مظاهرها مأدبة النادي السعدي التي أدبها سعد للنواب والشيوخ على اختلاف أحزابهم «ليتم التعارف بينهم ويزول ما يكون في نفوس بعضهم لبعض من نفرة وجفاء، ويحل مكانهما ما تقضي به روح التسامح من عطف وولاء».
ثم أعلنت الأحزاب في أوائل السنة الجديدة (1926) إجماعها على مقاطعة الانتخابات على غير القانون الذي تريده، وخطا الزعماء خطوة أخرى في سبيل الوفاق، فزار معظمهم بيت الأمة، ورد لهم سعد الزيارة في بيوتهم، واتفقوا على الدعوة إلى مؤتمر وطني يجمع الوزراء السابقين والشيوخ والنواب ورجال الأحزاب وأعضاء مجالس المديريات والمجالس المحلية وسائر الجماعات النيابية في القطر كله، ليقنعوا الوزارة بإجماع المرشحين على مقاطعة الانتخابات حسب قانونها الجديد، فعجلت الوزارة قبل انعقاد المؤتمر بإجابة طلب الأحزاب (في 18 فبراير) وبلغته إلى المؤتمرين، وقالت في بلاغها: إنه «توخيا لخطة الاتفاق التي سلكتها الحكومة الحاضرة في أعمالها على الدوام وابتغاء التعجيل باجتماع البرلمان، قرر مجلس الوزراء في مساء هذا اليوم أن يعرض مشروع مرسوم على حضرة صاحب الجلالة الملك للتصديق على إيقاف العمل بقانون الانتخاب الصادر في 18 ديسمبر سنة 1925، وإجراء الانتخابات على مقتضى القانون نمرة 4 لسنة 1924».
أما المؤتمر الوطني، فقد التأم بمنزل محمد محمود باشا، وجلس سعد على منصة الخطابة وعلى يمينه عدلي وعلى يساره ثروت، ثم تكلم في الحالة العامة فلخصها تلخيصا سريعا منذ استقالت وزارته إلى قبول الوزارة الزيورية قانون الانتخاب المباشر، الذي يرضاه الوفديون ولا ترضاه الأحزاب الأخرى ... وأشار إلى أن الوزارة عجلت بقبوله لتوقع الشقاق بين الأحزاب قبل انعقاد المؤتمر، فقال في ختام خطابه ليقضي على رجائها هذا: «أذاعوا بأن الانتخاب على أساس ذلك القانون أريد به إيقاع الشقاق بين الأحزاب المؤتلفة؛ لتنحل رابطتهم وتنقسم وحدتهم، ولكنهم واهمون في زعمهم؛ لأن الاتحاد متين بين هذه الأحزاب.»
ثم دارت مناقشة طويلة في دخول الانتخابات أو عدم دخولها اعتمادا على أن المجلس القديم قائم والحل باطل، فاتفق الحاضرون على دخولها ما عدا أربعة، وتلي عليهم اقتراح فحواه المطالبة بإقالة وزارة موثوق بها للإشراف عليها. ثم انفضت جلسة المؤتمر بعد تأليف لجنة من الأحزاب المختلفة لإنفاذ القرارات وبحث المقترحات.
على أن الوزارة لم تستقل، ولم يصر المؤتمرون على استقالتها لعلمهم بعجزها عن مقاومة الأحزاب المؤتلفة في المعركة الانتخابية، واكتفوا باستعجال يوم الانتخاب، فصدر المرسوم بدعوة الناخبين في اليوم الثاني والعشرين من شهر مايو لانتخاب أعضاء مجلس النواب ... وليس في المرسوم موعد لانعقاد البرلمان!
صفحه نامشخص