50

سعادة مفرطة

سعادة مفرطة

ژانرها

لم تحتل نينا الكثير من الغرفة فعليا. كانت صغيرة ومتأنية في حركاتها؛ لم تصدم رأسها قط في رافدات السقف كما كنت أفعل. أنفقت كثيرا من وقتها جالسة وهي تضع ساقا فوق ساق على أريكة النوم، وشعرها الأشقر الضارب للبني يسقط فوق وجهها، وكيمونو ياباني فوق ملابسها الداخلية البيضاء الطفولية. كان لديها ملابس جميلة؛ معطف من جلد الجمل، وسترات كشميرية، وتنورة ذات طيات من الطرطان بدبوس فضي كبير. بالضبط نوع الملابس التي يمكن أن تراها على غلاف مجلة بعنوان: «جهز آنستك الصغيرة لحياتها الجديدة في الجامعة». لكن لحظة عودتها من الجامعة، كانت تتخلص من ملابسها من أجل كيمونو. غالبا لا تكلف نفسها تعليق أي شيء. كانت هذه عادتي في التخلص من ملابس المدرسة، لكن في حالتي، لكي أحتفظ بكسرة المكواة في تنورتي، وأحافظ على نضارة معقولة في القميص أو السترة، كنت أعلق كل شيء بحرص. كنت أرتدي في المساء روب حمام صوفيا. كنت قد تناولت عشاء مبكرا في الجامعة بجزء من أجري، ويبدو أن نينا أكلت كذلك، على الرغم من أني لا أعرف أين. ربما كان عشاءها هو ما تأكله كل مساء؛ لوز وبرتقال ومئونة من قطع الشوكولاتة المغلفة في ورق ألمونيوم أحمر أو ذهبي أو بنفسجي.

سألتها كيف لا يصيبها البرد في ذلك الكيمونو الخفيف.

قالت: «كلا. كلا.» أمسكت بيدي ووضعتها على رقبتها، وأردفت: «أنا دافئة دوما.» وفي الحقيقة كانت دافئة بالفعل. كان جلدها يبدو دافئا على الرغم من أنها قالت إنها السمرة التي اكتسبتها والتي تتلاشى حاليا. ارتبط بهذا الدفء الجلدي رائحة معينة كانت كرائحة اللوز أو رائحة حريفة ليست منفرة لكنها ليست رائحة جسد يواظب على الاستحمام (ولم أكن أنا نفسي ذات رائحة نضرة طوال الوقت بسبب قاعدة بيث بالاستحمام مرة في الأسبوع. كان العديد من الناس في ذلك الوقت لا يستحمون إلا مرة في الأسبوع، وأتذكر وجود روائح بشرية أكثر حولنا، رغم بودرة التلك ومزيلات الروائح القوية).

غالبا كنت أقرأ كتابا ما حتى وقت متأخر من الليل. اعتقدت أنه من الأصعب أن أقرأ في وجود شخص آخر في الغرفة، لكن كان حضور نينا مريحا. كانت تقشر برتقالها وقطع الشوكولاتة، وتلعب سوليتير. حينما تضطر إلى بسط ذراعها لتحرك ورقة، كانت تثير في بعض الأحيان ضجة قليلة أو أنة أو نخرة كما لو أنها تشتكي من هذا التعديل الخفيف لوضع جسدها، لكنها كانت تستمتع به كذلك. ما عدا هذا كانت قانعة، وتتكور لتنام في النور في أي وقت تنعس فيه. ولأننا لم نشعر بإلحاح أو احتياج خاص للكلام، فسرعان ما بدأنا الحديث معا وحكينا عن حياتنا.

كانت نينا في الثانية والعشرين، وهذا ما حدث لها منذ كانت في الخامسة عشرة:

في البداية، حبلت (هكذا قالت) وتزوجت أب الطفل الذي لم يكن يكبرها في العمر كثيرا. حدث هذا في بلدة ما خارج شيكاجو. كان اسم البلدة لانفيل، والوظائف المتاحة بها في مخازن الحبوب أو إصلاح المعدات للأولاد، والعمل في المحلات للبنات فقط. كان طموح نينا أن تصبح مزينة شعر لكن كان يجب عليها أن تغادر وتتدرب على هذا. لم تكن لانفيل المكان الذي عاشت فيه طول الوقت، بل الذي عاشت فيه جدتها، وهي عاشت مع جدتها لأن أباها مات وتزوجت أمها مرة ثانية وطردها زوج أمها.

أنجبت طفلا ثانيا؛ ولدا آخر، وكان من المفترض أن يحصل زوجها على وظيفة وعد بها في بلدة ثانية، ولهذا غادر إلى هناك. كان سوف يرسل لها لكي تلتحق به، لكنه لم يفعل هذا قط. تركت كلا الطفلين مع جدتها واستقلت الحافلة إلى شيكاجو.

في الحافلة، قابلت فتاة اسمها مارسي كانت متجهة إلى شيكاجو مثلها. عرفت مارسي رجلا هناك امتلك مطعما وسوف يعطيهما عملا. لكن حين وصلتا إلى شيكاجو وعثرتا على مكان المطعم اتضح أنه لا يملكه، بل كان يعمل به فقط وترك العمل منذ وقت قصير. كان لدى الرجل الذي يملك المطعم غرفة علوية فارغة، وسمح لهما بالبقاء فيها مقابل أن تنظفا المكان كل ليلة. اضطرتا إلى استخدام حمام السيدات في المطعم لكن لم يكن من المفترض أن تقضيا وقتا كبيرا فيه أثناء النهار لأنه كان للزبائن. اضطرتا إلى غسل الملابس الضرورية لهما بعد موعد الإغلاق.

لم تجدا صعوبة في النوم على الإطلاق. اكتسبتا صداقة ساق - كان غريبا لكنه لطيف - يعمل في مكان في الناحية المقابلة من الشارع، وسمح لهما باحتساء بيرة الزنجبيل مجانا. قابلتا رجلا هناك دعاهما إلى حفلة، ومن هناك دعيتا إلى حفلات أخرى. وكان أن قابلت نينا خلال تلك الفترة السيد بورفيس، كان هو من أعطاها اسم نينا في الحقيقة. قبل ذلك كان اسمها جون. عاشت في بيت السيد بورفيس في شيكاجو.

كانت تنتظر التوقيت المناسب لتثير موضوع ولديها. كان في منزل السيد بورفيس مساحة كبيرة، ففكرت في أنهما يمكن أن يعيشا معها هناك. لكن حين ذكرت الموضوع للسيد بورفيس، أخبرها أنه يكره الأطفال. لم يرغب أن تحبل قط. لكنها حبلت بطريقة ما، وذهبت هي والسيد بورفيس إلى اليابان لتجري عملية إجهاض.

صفحه نامشخص