ثم بنبرة أعلى: ولدى كل سهرة في الصالون تقدمان الخمر وتشربانها!
كيف يجيبان؟ ليسا متدينين ولا دينيين، لا يضمران للدين شرا ولا خيرا، لا يشغل لهما بالا. ولا فلسفة وراء ذلك، ولا يتصوران أن الله يكترث لشرب الخمر أو الامتناع عنها. الأمور تجري بلا تفكير ولا مشكلات. إنهما لا يؤذيان أحدا ولا يسمحان لأحد بالتدخل في شئونهما الخاصة، ولكن المتدخل هو ابنهما الوحيد، وهو يطرح سؤاله في حرية كاملة ولكن لا حرية لهما في الإجابة بل يشعران بأن الإجابة يجب أن تلتزم حدودا معينة. وتبادلا نظرة؛ نظرة حيرة واستغاثة. ولما طال الصمت تساءل الشاب: ألستما مسلمين؟
فقال سامح: طبعا. - المسلم ليس مجرد اسم، ولكنه عقيدة وسلوك.
فقال سامح بضيق: المسلم مسلم في جميع الأحوال.
فقال شكري بأسى: كلا .. إما أن تكون مسلما أو لا. - هذا رأيك؟ - نعم .. مذ هداني الله إلى طريقه.
فتساءلت أمه بقلق: هل انضممت إلى التيارات التي يتحدثون عنها؟ - هداني الله إلى طريقه! - إنه طريق شديد الخطورة. - هو طريق الله، ولا يهم ما عدا ذلك.
فقال سامح باستياء: لم تحدثنا من قبل بهذه اللهجة؟ - كنت في غيبوبة الجاهلية! - لا أقبل أن تخاطبني بهذا الأسلوب. - انظر! طالما شجعتني على الصدق والصراحة، ها أنت تضيق بمن يخالف رأيك! - فليمض كل في حياته كما يرضاها!
فقال الشاب بتصميم: غير ممكن، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الإيمان.
لم يسمعا بالحديث من قبل فوجما وهما يتفكران فيه، ثم سأله سامح متهكما: وماذا اخترت؟
فقال بتأثر: إني حائر بين الواجب وبين البر بكما.
صفحه نامشخص