4 -
أنا أبو الفضل يحيى بن الربيع بن محمد بن الربيع العبدي، نا بكر بن سهل الدمياطي، نا عبد الله بن صالح، نا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة، أنه قال: قال الناس: يا رسول الله
، أنرى ربنا عز وجل يوم القيامة؟، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل تضارون في الشمس ليس
دونها سحاب، هل تضارون في القمر ليلة البدر؟، قالوا: لا. قال: فكذلك ترونه، يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فيتبع من يعبد الشمس الشمس، ويتبع من يعبد القمر القمر، ويتبع من يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها أو منافقوها، فيأتيهم جل وعز في صورة غير صورته التي يعرفونه، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه. فيأتيهم الله جل وعز في الصورة التي يعرفونه، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه، فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم،
[ص: 15]
فأكون أنا وأمتي أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوة الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم. وفي جهنم كلاليب كشوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فإنه مثل شوك السعدان، غير أنه لا يدري ما قدر عظمها إلا الله عز وجل، فيتخطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبق بعمله، ومنهم المخردل - أو كلمة تشبهها - ثم يتجلى تبارك وتعالى، فإذا أراد الله عز وجل أن يخرج من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن يقول لا إله إلا الله، ممن أراد الله أن يرحمه، ثم يعرفونهم في النار بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجونهم من النار قد أحرقوا، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ويبقى رجل مستقبل بوجهه إلى النار، يقول: أي رب، اصرف وجهي عنها، قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها. فيدعو بما شاء الله أن يدعو، فيقول: هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك. فيعطي ما شاء من عهود ومواثيق، فيصرف الله وجهه عن النار، فيسكت ما شاء الله، ثم يقول: أي رب، قدمني إلى باب الجنة. فيقول الله: قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسأل غير ما أوتيته؟ ويلك يا ابن آدم، ما أغدرك فلا يزال يدعو حتى يقول: هل عسيت إن أعطيت أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسأل غيرها. فيعطي ربه عهودا ومواثيق ما شاء الله، فيدنيه إلى باب الجنة، فإذا قام على باب الجنة انفهقت له الجنة، فرأى ما فيها من الحبرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب، أدخلني الجنة. فيقول: ويلك ابن آدم ما أغدرك ألم تعط عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير ما أعطيت؟ فيقول: أي رب، لا أكون أشقى خلقك. فلا يزال
[ص: 16]
يدعو الله حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه قال له: ادخل الجنة. فإذا أدخله الجنة قال الله له: تمن. فيتمنى حتى إن الله عز وجل ليذكره، فيقول: بكذا وكذا. فإذا انقطعت له الأماني، قال الله: ذلك لك ومثله معه". قال عطاء بن يزيد: وأبو سعيد مع أبي هريرة يحدث هذا الحديث، لا يرد عليه شيئا من حديثه، حتى إذا قال: «ذلك لك ومثله معه» ، قال أبو سعيد: أشهد لحفظته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك لك وعشرة أمثاله معه» ، قال أبو هريرة: وذلك آخر أهل الجنة دخولا الجنة
صفحه نامشخص