107

دیدن خداوند

رؤية الله تعالى بين العقل و النقل

ژانرها

علوم قرآن

الشبهة الثانية: إنها وإن عمت في الأشخاص فإنها لا تعم في الأزمان لأن نفيها مطلق وليس مقيد بدوام.

جوابها: إن هذا الإعتراض مرفوض لغة وعرفا وشرعا، فإن كل واحد يدرك أن قول القائل: لا أشرب اللبن، دال على نفي شرب اللبن في أي وقت من الأوقات، ولولا ذلك لما حنث من حلف أنه لا يزني ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يقتل النفس المحرمة بغير حق، إذا أتى أي شيء من ذلك في مستقبل الزمان، بناءا على أن النفي المطلق غير شامل للأزمنة.

ومما لا خلاف فيه أن للنهي حكم النفي، ولئن ساغ هذا القول لم يبق أمر محجور، فيسوغ أن يأكلوا الربا الذي حرمه الله في كتابه وأن يقتلوا النفس المحرمة بغير حق وأن يرتكبوا كل فساد في الأرض ويأتوا كل منهي في الإسلام متذرعين إلى ذلك كله بدعوى أن النهي غير شامل لعموم الأزمنة، وما تقدم تقريره من أن هذه الآية كسائر الآيات التي انتظمت في سلكها، سيقت مساق مدحه تعالى مبطل لهذه الدعوى. إذ لو حمل النفي فيها على الدار الدنيا دون الآخرة لجاز مثله في نظائرها، نحو قوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم}(1)، وقوله تعالى: {ما اتخذ صاحبة ولا ولدا}(2)، وقوله تعالى: {لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد}(3)، وقوله: {ولا يظلم ربك أحدا}(4)، ولجاز عليه تعالى في الآخرة ما كان ممتنعا عليه في الدنيا من السنة والنوم والصاحبة والولد، والكفؤ والند، والجور والظلم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

صفحه ۱۱۰