عندما كنا طلابا في المدارس، وكلها إكليريكية، أو يرأسها إكليريكي، كنا نقول: ديوان المطران، وديوان الخوري. أما الخوري؛ فهو نيقولاوس الصائغ تلميذ المطران جرمانوس، ومن قافلة رواد النهضة الأولى. فذاك المطران وهذا الخوري، هما شنفرى نهضتنا ومهلهلها. ولا بأس علينا إذا عرفنا القارئ بالرواد الذين قادهم فرحات، وهم: الفيلسوف التولاوي، وميخائيل حكيم، وعبد الله زاخر، أبو الحرف المطبعي العربي، وعبد الله قرألي، ونعمة بن الخوري توما، ومكرديج الكسيح، وأصغرهم وآخرهم في مقياس الزمن الخوري نيقولاوس الصائغ. وكل هؤلاء كهنة وشمامسة وأساقفة وبطاركة، وهذا ما دفع أستاذي خير الله خير الله إلى الإشادة بفضل الإكليروس الأدبي، في كتابه «سوريا».
ليس للخوري نيقولاوس الصائغ ما لفرحات من آثار، فأشهر ما ترك ديوانه. أصلح الشيخ إبراهيم اليازجي كثيرا من عيوبه، حين وقف عليه، ومع ذلك لا يزال لنا فيه مرتع خصب، ولكننا لا نعنى بهذا، فما قيل في «ديوان المطران» يصح أن يقال في «ديوان الخوري»، وحسب التلميذ أن يكون مثل معلمه الذي قال في رثائه:
إمامي وذخري، بل غنائي ومغنمي
غنمت به غنما تجل غنائمه
وإن يكفر الإحسان من ليس شاكرا
فأشبه بالكفران من هو كاتمه
حلبت به وسع الإناء معارفا
يلازمني جنح الدجى وألازمه
تغلب في ديوان الخوري قصائد المديح والرثاء والتهاني والتواريخ، فهو أكثر تقليدا في أغراضه من معلمه المطران. نظم بديعية على طراز بديعية الحموي، ومن وزنها وقافيتها، أما الموضوع فمتقارب؛ بديعية الحموي في مدح النبي الكريم
صلى الله عليه وسلم
صفحه نامشخص