ونظل سكارى بهذه المذاكرة حتى يصيح بنا هادم اللذات: هوب، لا.
Vous parlez l’arabe
فنثرثر بعض ألفاظ فرنجية، ويتفرق العشاق ...
وينقضي عامي الأول في مدرسة الحكمة فأتتلمذ في عامي الثاني والأخير للشيخ سعيد الشرتوني. ونأتي على ذكر أسلافنا الذين أخرجهم معقل الضاد، حتى إذا جاء ذكر شكيب انفتحت حدقتا شيخنا سعيد وقال: المير شكيب قفلة.
فقلت: وما معنى قفلة؟ فأجاب شيخنا الجليل: أي يحفظ كل ما يسمع ولا ينساه، فكأنما يضعه في صندوق ويقفل عليه، ثم طفق يطري ثروة شكيب اللغوية كل الإطراء، وقال في شعره وشاعريته كلاما كثيرا.
ولما أفلت من قفص المدرسة، وزاولت الصحافة صرت أقرأ للأمير شكيب شعرا في كل مناسبة خطيرة. انقلب شعره مطية سياسته، فلم يمر حدت في الشرق إلا تناولته قريحته بما حضر، فشارك في كل معضلة بقلمه ورأيه ولسانه. لم يمدح غير العظام، وقلما قال شعرا في غير الحوادث الجسام، وكثيرا ما تلاقى مع شوقي ومطران وحافظ وباراهم في خطوب الشرق. وأول مرة سمعته فيها ينشد كانت عام إعلان الدستور العثماني سنة 1908، بيد أنه لم يعنف، ولم يلم ولم يهاجم مثلنا. عد الدستور منة من جلالة السلطان، وأوصى بالتعلق بالعرش، فلم ترق قصيدته للمتطرفين منا.
وظل الأمير - على توالي المحن - صديقا للدولة العلية يشد أزرها، ويرى فيها العروة الوثقى، فبينما كان أفذاذ العرب يمثلون في الأستانة رواية صلاح الدين الأيوبي قبل الحرب العامة بسنة، وكلهم ساخط حانق، وفي مقدمتهم مبعوثوهم - نوابهم - كالزهراوي وفارس الخوري، وغيرهم إذا بالأمير شكيب يقول للحفل من قصيدة:
فمن كصلاح الدين تعنو لذكره
رءوس أعاديه ومن ذا يعادله
إلى أن يقول:
صفحه نامشخص