روم
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
ژانرها
وفي إيطالية كانت السلطة كلها قد أصبحت محصورة بالقواد العسكريين البرابرة، فكانوا ينصبون الأباطرة ويعزلونهم حسب أهوائهم. ومن غرائب الاتفاق أن آخر الأباطرة في الغرب دعي رومولوس أوغوسطولوس، وهكذا وافق اسمه اسم المؤسس الخرافي لرومة نفسها، وقد خلعه العسكر البرابرة في السنة 476 ونصبوا مكانه أحدهم أدوواكر. ثم أبلغ القادة البرابرة زينون في القسطنطينية أنهم يعترفون بسيادته، فصدر أمره إلى أودوواكر أن يتولى زمام الحكم وأن يتمتع بلقب «نبيل».
ولكن أودوواكر استقل بالحكم ولم يكترث لسيده الشرعي في القسطنطينية، ورأى زينون أن ليس بوسعه أن يكرهه على الطاعة، وخاف مغبة أمره، فالتفت زينون شطر القوط الشرقيين في شمالي البلقان الغربي، وكان هؤلاء يستوجبون اهتمامه اهتماما كليا، فعمل زينون على توجيههم شطر إيطالية ووفق إلى ما أراد، فكان أن زحف ثيودوريكوس ملك القوط الشرقيين إلى إيطالية قبيل وفاة زينون واستولى على رابينة، ثم بعد وفاة زينون (493) خلع أودوواكر وجلس مكانه ملكا على مملكة قوطية شرقية ذات حول وطول، وامتدت سلطته على إيطالية وصقلية وجزء من غالية وإسبانية.
الاينوتيكون (482)
ولم يخضع الجميع لمقررات المجمع المسكوني الرابع، فظل السواد الأعظم من النصارى في مصر وسورية وفلسطين يقول بالطبيعة الواحدة، ولم يثمر حزم مرقيانوس ولاوون الأول، وشعر زعماء الكنيسة بخطورة الموقف، وأراد أكاكيوس بطريرك القسطنطينية (472-488) وبطرس بطريرك الإسكندرية (477-490) أن ينقذا الموقف وأن يعيدا إلى الكنيسة وحدتها المفقودة، فاقترحا على زينون أن يصار إلى التراخي بانتهاج سبيل وسط، فأصدر زينون في السنة 482 الاينوتيكون «كتاب الاتحاد» فشجب تعاليم نسطوريوس وأوطيخة معا وأقر رأي كيرلس الإسكندري واجتنب الكلام في الطبيعة الواحدة والطبيعتين، وهكذا رفض رفضا لبقا ما كان أقره المجمع الخلقيدوني الأخير، ولكن الاينوتيكون بدلا من أن يؤلف القلوب ويوحد الصفوف، سعر نار الشقاق والتفرقة؛ لأنه لم يرض الأرثوذكسيين ولا أصحاب الطبيعة الواحدة.
وانشق في مصر عن البطريرك بطرس قسم من جماعته فألفوا طائفة سموها الآكيغلي؛ أي العادمة الرأس، وكتب الأرثوذكسيون إلى أكاكيوس بطريرك القسطنطينية يلومونه على مماشاته بطرس الإسكندري، فلم يكترث البطريرك بل أجبر الكثيرين منهم على القول بكتاب الاتحاد، فكتبوا إلى بابا رومة فليكس الثالث (483)، ولكن هذا بدل أن يراسل أكاكيوس مستوضحا حسب العادة القديمة، عقد مجمعا محليا وحرم بطرس وأكاكيوس، فلما علم أكاكيوس بهذا محا اسم البابا من ذيبتيخا الأساقفة، وهكذا نشب شقاق استمر أكثر من خمس وثلاثين سنة (484-519)، وتوفي أكاكيوس في السنة 491 فخلفه في كرسي القسطنطينية افراويطاس
1 (488-489) وكان مداهنا متلاعبا، ولكن سرعان ما انقضت مدته، فخلفه اوفيميوس
2
العاقل (489-495) فأظهر استقامة رأيه في ما بعث به من رسائل التحية الأخوية لمناسبة تبوئه السدة البطريركية، وأوشك أن يعود الاتحاد بين الشرق والغرب لو لم يطلب البابا محو اسم أكاكيوس من الذيبتيخا.
وأما في أنطاكية فإن راهبا من رهبان القسطنطينية، بطرس القصار،
3
صفحه نامشخص