روم
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
ژانرها
ورد بروبوس هجمات الإفرنج والبورغنديين والألماني، والفندال، وشغل الجنود بتجفيف المستنقعات وإنشاء الترع وبناء الطرق، فثاروا عليه وقتلوه، فتولى الأمر بعده قائد الحرس كاروس (282-283) ولكن صاعقة أصابته بعد أن احتل طيسفون عاصمة ساسان، فخلفه ابنه نومريانوس (284) ولكنه قتل بمؤامرة والد زوجته كارينوس الذي طمع في ملك صهره، فلم يفلح لأن الجند كانوا قد نادوا بديوقليتيانوس الشهير (284-305).
11
غزوات الشعوب الجرمانية
وكان يقطن ألمانية وسائر أوروبة الشمالية برابرة من الجنس الهندي الأوروبي، شقر الشعور زرق العينين طوال القامة، لم يرتقوا كثيرا منذ عهد إنسان العصر الحجري. وكانت كل قبلية منهم تقيم في منطقة محدودة لا يتجاوز قطرها ستين كيلومترا، ولا يزيد عدد نفوسها عن خمسة وعشرين ألفا أو ثلاثين، وكانوا يقيمون في قرى تضم كل واحدة منها مائة عائلة، وكانت المنازل التي يسكنونها أكواخا حقيرة يسهل نقلها. وكان السكان - على وجه الجملة - لا يرغبون في الفلاحة والزراعة، بل كانوا يؤثرون رعاية المواشي وتربيتها، وكانوا يجهلون الكتابة تماما ولا يتعاطون التجارة إلا قليلا. وكانوا أقوياء البنية ذوي بأس وجلد، يميلون إلى الحرب والغزو والنهب، ويتنقلون من مكان إلى آخر يتبعهم نساؤهم وأولادهم في مركبات ضخمة، وكانوا يجيدون ركوب الخيل ويعتنون بها عناية فائقة.
وكانت رومة قد جعلت من الرين والدانوب وما بينهما حدودا فاصلة بينها وبين هذه القبائل، وحصنت هذه الحدود وأقامت عليها فرقا تحميها، لكن هذا كله لم يمنع تسرب جماعات من الجرمان إلى داخل حدود الإمبراطورية. وأغوسطوس نفسه كان قد أذن لبعض هؤلاء بالبقاء داخل الحدود، وكان يوليوس قيصر من قبله قد أدخل الجرمان في خدمة الجيش، لا سيما فرق الخيالة. وكان قد أدى التقهقر الاقتصادي وقلة اليد العاملة إلى قبول بعض العناصر الجرمانية في المزارع الكبيرة، كما أدى ضعف الحكم عموما إلى التساهل مع بعض القبائل الجرمانية تدخل برمتها البلاد ويستخدم رجالها في الجيش جنودا مرتزقة.
وفي أوائل القرن الثالث بعد الميلاد كانت قبيلة الإفرنج لا تزال مرابطة عند ضفاف الرين الأسفل، ووراءها إلى الشرق قبيلة السكسون السويفي فالفندال، وجميعها في شمال ألمانية، وكانت قبائل الألماني مرابطة بين الدانوب والرين الأعلى، وكانت قبائل القوط قد نزحت عن البلدان الاسكندنافية منذ نهاية القرن الثاني بعد الميلاد وحلت ضيوفا ثقيلة على الألاني والسرامطة في جنوب روسية، فأقام القوط الشرقيون بين نهري الدنيبر والدنيستر والقوط الغربيون في ما نسميه اليوم رومانية والمجر، وأدى ضعف الدولة الرومانية واضطراب أحوالها إلى تيقظ هذه القبائل واشتداد طمعها، فحاول بعضها قطع الحدود الرومانية فزادوا الإمبراطورية بعملهم هذا انهماكا وتعبا وتقهقرا.
وفي ربيع السنة 267 بعد الميلاد احتشد عدد غفير من القوط وغيرهم من قبائل الدانوب وجنوبي روسية عند مصب نهر الدنيستر، فأبحر بعضهم على متن بضعة آلاف مركب صغير واتجهوا جنوبا ولحق بهم الباقون برا، ونزل بعض المبحرين منهم في بيثينية وتوغلوا في آسية الصغرى، وتابع الباقون سفرهم البحري فدخلوا البوسفور وحاولوا اقتحام بيزنطة لكنهم لم يفلحوا، فاستأنفوا رحلتهم إلى بحر إيجه فغزوا ثيسالونيكية وكسندرية وسائر سواحل اليونان، وبلغ بعضهم إلى كريت ورودوس وقبرص، فتصدى لهم بروبوس حاكم مصر عند بامفيلية بما جمع من سفن رومانية وردهم على أعقابهم، وفعل مثل هذا أذينة العربي في آسية الصغرى. وهب الإمبراطور كلوديوس إلى محاربتهم في البلقان فسجل انتصارا كبيرا بالقرب من نيش وقتل منهم خمسين ألفا وطارد الباقين عبر مقدونية، فهلك بعضهم بالطاعون ودخل الباقون في خدمة الجيش الروماني، ونال كلوديوس - بحق - لقب «قاهر القوط»،
12
وتعددت هذه الهجمات البربرية وتعاقبت طوال هذا القرن.
الأفلاطونية الجديدة
صفحه نامشخص