روم
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
ژانرها
ولمع في القرن الخامس افذكسيوس وابنه لاونطيوس (+530) الذي تولى برايفاكتورة الشرق في عهد أنسطاسيوس، ويمبليخوس وكيرلس صاحب كتاب «التعريفات» وباتريقيوس الأستاذ الكبير، واستحق هؤلاء لقب «أساتذة العالم» وشهروا بيروت حتى رفعها الإمبراطوران ثيودوسيوس الثاني وفالنتنيانوس الثالث إلى شرف الحواضر «متروبوليس» فأصبح أسقفها متروبوليتا ولا يزال.
وتوالت عليها الألقاب فأصبحت «أم العلوم» و«موطن العلماء» و«ظئر الشرائع»، وكان الأساتذة يعينون في أول الأمر بموافقة مجلس شيوخ المدينة، ثم اشترط ليوليانوس الجاحد (362) أن يكون التعيين بموجب صك يوقعه القائد المحلي ويوافق عليه مجلس شيوخ المدينة، ثم فرض ثيودوسيوس أن يعرض عليه قرار القائد والشيوخ قبل التنفيذ، وكانت السلطة منذ السنة 425 تقوم بجميع نفقات الأساتذة.
وتقاطر الطلاب إلى هذه المدرسة من كل صوب، فحفل معهدها بأبناء غزة وعسقلان وأنطاكية والرها وسميساط وغيرها من مدن الشام وفلسطين ، وأمها غيرهم من مصر وإسبانية وإيطالية والبلقان وبر الأناضول، وكان لا بد لهؤلاء الطلاب من دروس تمهيدية في اليونانية واللاتينية، وفي الخطابة والفصاحة؛ يتهيأون بها لدرس القانون، فكانوا يحصلونها إما في مدنهم أو في بيروت نفسها بطرق خاصة.
وكان نظام المدرسة يحدد سن الطلاب، فلا يجيزهم إلا بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين، ولم يستثن من هذا إلا الطلاب العرب الذين كانوا يصلون متأخرين في ثقافتهم، وكان الطلاب في أول عهد الكلية من الطبقة الوسطى في المجتمع؛ لانصراف أبناء العائلات الكبيرة إلى درس اللغة والخطابة، ثم تحول هؤلاء أيضا إلى درس الحقوق، فأبدى ليبانيوس أسفه؛ لأن العدد الغفير من أبناء الأعيان في أنطاكية أصبحوا يهجرون الخطابة.
وبقيت اللاتينية لغة التعليم حتى أواخر القرن الرابع، ثم حلت محلها اللغة اليونانية، وكان الأستاذ يفتتح درسه بتلاوة بعض النصوص، ثم يفسرها معلقا عليها، ثم يفسح في المجال للسؤال والجواب، وكانت مدة التدريس أربع سنوات، ثم أضيف إليها سنة خامسة للتخصص.
28
واشتهر في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس شماس بيروت رومانوس المرتل، وهو أول ناظم للقنادق، وأشهر ما نظم ورتل القنداق: «اليوم تلد العذراء الفائق الجوهر، فتقدم الأرض المغارة للذي لا يدنى منه، والملائكة يمجدونه مع الرعاة، والمجوس يسيرون إليه مع النجم، فإنه ولد من أجلنا صبي جديد، هو الإله الذي قبل الدهور.» وقد أجاد لفظا ومعنى واستعارة وتشبيها، فأصبح «بيندار» الروم على ممر العصور، وموضع إعجاب رجال الاختصاص في عصرنا هذا.
قبدوقية
ولمع في سماء آسية الصغرى في قبدوقية في القرن الرابع أقمار ثلاثة، أكسبوا قبدوقية شهرة واسعة وعظمة ليس بعدها عظمة، والإشارة هنا إلى غريغوريوس الثاولوغوس، وباسيليوس الكبير، وأخيه غريغوريوس النيساوي.
ولد غريغوريوس الثاولوغوس (اللاهوتي) في قرية أريانزوس بالقرب من نزينزوس في السنة 328، وكان أبوه قد تنصر بتأثير زوجته نونة ثم سقف على نزينزوس أو نازيانزة، وقد ترعرع غريغوريوس على المبادئ الصالحة، وتلقى مبادئ علومه في قيصرية قبدوقية ثم في قيصرية فلسطين، فالإسكندرية، فآثينة. وفي آثينة انعقدت أواصر الصداقة بينه وبين باسيليوس الكبير، وتلقى المعمودية حوالي السنة 360، ثم أعرض عن الدنيا ومال إلى النسك، فترهب مع باسيليوس الكبير في البونط، وعاد إلى بلده فشرطنه والده كاهنا لكنيسة نازيانزة في السنة 362، فأقام في خدمتها حتى السنة 371 أو 372 فسامه باسيليوس الكبير أسقفا على ساسيمة أو زاسيمة، ولكنه لازم خدمة والده حتى وفاته في السنة 374، وفي أوائل السنة 379 استقدمه أرثوذكس القسطنطينية لمساعدتهم ضد الآريوسية، فسار إليهم وجمعهم في دار رجل من أصدقائه جعلها كنيسة صغيرى وأسماها أنسطاسية، «وفيها ألقى خطبه الرنانة في الثالوث الأقدس، ومنها تدفقت سيول الفصاحة على أسماع المؤمنين.»
صفحه نامشخص