شارل وانير
باريس - مايو 1895
مقدمة الطبعة التاسعة
كتب إلي أرمان كولن صاحب المطابع الشهيرة باسمه - عقب حفلة زواج حضرها - كتابا رقيقا مؤثرا يطلب إلي فيه أن أكتب شيئا في «المعيشة البسيطة»، فألفت هذا الكتاب. وظهر فكان له شأن يذكر بين القراء، وانتشر في كل أنحاء القارة الأوربية انتشارا سريعا. ثم نقل إلى عدة لغات حية، فنقلته الآنسة «ماري لويز هندي» إلى اللغة الإنكليزية لحساب شركة المطبوعات الأمريكية «كلور» بنيويورك، وكتبت عنه الآنسة الكاتبة «جراس كنج» فصولا ضافية، كان لها أحسن وقع في تلك البلاد. واطلع عليه الرئيس روزفلت فلم يتمالك عن الكتابة إلي يقول: «إنني أنصح لقومي دائما بمطالعة سفرك الجليل.» وفي الحقيقة، إنه لم يترك فرصة تمر بغير أن ينوه فيها بذكر هذا الكتاب الاجتماعي، حتى لقد خطب خصيصا في هذا الشأن مرة «ببانجور»، وأخرى بفلادلفيا، وزاد على ذلك أن دعاني لزيارة الولايات المتحدة. وخطب في يوم 22 نوفمبر سنة 1904 بواشنجتون، وكنت حاضرا فقدمني إلى الجمهور. ولا أزال أشكر له قوله: «هذه هي المرة الأولى والأخيرة في زمن رئاستي أنتهزها فرصة لأعرف الجمهور الأمريكي بهذا الكاتب الاجتماعي القدير، وأعرض عليهم مؤلفه «الجليل»، فإنه إلى الآن لم يظهر بين كل المؤلفات الراقية ما أراه كفيلا بإفادة مواطني الفائدة التي أنتظرها من هذا الكتاب.»
وقد لحظت بنفسي تأثير أقوال الرئيس المحترم في نفوس وعقول مواطنيه؛ لما رأيته من تهافتهم بعد ذلك على مطالعة كتابي هذا وانتشاره بينهم انتشارا لم يكن لغيره من المؤلفات، حتى إن الصحافة أخذت تكتب عنه المرار المتعددة، وبعضها تنقله وتنشره تباعا.
كل هذا يدل على أن الكتاب ظهر حقيقة في إبان الحاجة إليه، فقد أخذ الناس يسأمون الحياة المرتبكة، ويشعرون بحاجتهم إلى الاعتدال، وتلطيف حالات هذا الارتباك المخل بنظام العالم المقوض لأركان السعادة.
وإنني لأرجو أن يأتي هذا الكتاب بالغرض الشريف الذي كتب خصيصا من أجله، وأن يلفت الناس إلى معنى الحياة الحقيقية ومقتضياتها، والعمل لتحقيقها والابتعاد عن كل ما عداها، فإن السعادة والقوة وجمال الحياة لا تكون إلا بالبساطة والاعتدال.
شارل وانير
باريس - فبراير سنة 1905
الحياة المرتبكة
صفحه نامشخص