الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
ژانرها
ولكي نظهر كيف أن باكارا قد جاءت إلى منزل أرمان وهي لا تعرفه، ينبغي أن نعود إلى حيث تركناها مع الطبيب المتصنع تسير في المركبة إلى مونمارتر فنقول: يذكر القراء أنها كانت جالسة في المركبة بين خادمتها فاني وبين ذلك الطبيب المتصنع، وأنها عندما حاولت أن تستغيث أشهر عليها الخنجر فارتاعت وسكنت، ثم إنها بعد حين همت أن تثب من المركبة فأمسكها بيديه، وقال لها: اختاري بين أن تكوني في مستشفى المجانين أو أن تكوني في السجن مع المجرمين.
فأجفلت باكارا وقالت: أنا أزج في السجن! وأي جرم ارتكبت؟! - إنك ارتكبت جرم السرقة، فإن لك شركة في سرقة المحفظة المحتوية على ثلاثين ألف فرنك التي سرقها عشيقك فرناند من الوزارة، وقد قبض عليه في منزلك. - إذن فهو بالحقيقة سارق! - لا أعلم إذا كان هو الذي سرق المحفظة، أو إذا كان أحد أعدائه قد وضعها في جيبه، ولكن الذي أعلمه أن الشرطة قد ألقوا القبض عليه في منزلك حيث وجدوا المحفظة في جيبه بما كان فيها من المال. - أوجد المال عندي؟ - نعم، في غرفتك الذاتية.
فانطرحت داخل المركبة واهية القوى وهي تقول: إلهي ماذا أسمع؟
وعند ذلك وقفت المركبة، ففتح بابها ودخل أندريا، وقال لفاني: اصعدي أنت واجلسي بجانب السائق، ودعيني أجلس مكانك.
فامتثلت، أما باكارا فإنها نظرت ابتسام أندريا السخري، فقالت: لقد عرفت من قبل أن ذلك من صنعك. - هذا مما يثبت لي رجحان عقلك، فلا تضيعي مني تلك الثقة فيك، واعلمي أني لا أريد بك ضررا، وربما اتخذتك خليلة بعد حين، فإنك وافرة اللطف بارعة الجمال، ولكني أسعى وراء أمر خطير، وإن حريتك تعرقل مساعي، وربما كانت عقبة في سبيلي، فاضطررت إلى أسرك مكرها بضعة أيام من قبيل الحذر والاحتياط، وسترد إليك حريتك بعد ذلك، وتعوضين أضعاف ما خسرته. - أنا لم أسئ إليك قط، فلماذا تريد أن تسيء إلي؟ - ألم تفهمي بعد أني شديد الشغف بك، وقد اضطررت إلى أن أحجبك عن العيون حذرا عليك. - مما تحذر علي، فإني لم أسرق المحفظة. - ولكن السارق وجد عندك، والمحفظة وجدت في غرفتك. - يا للخيانة! إنه بريء. - ربما، ولكن من صالحي أن يكون هو المجرم. - أنا لا أرضى بذلك، وسأظهر مكرك وخيانتك أمام الشرع. - كيف تقدرين أن تثبتي براءته، وقد وجدته الشرطة في منزلك، وفي جيبه المحفظة والمال، فكأنك بذلك تقودين نفسك بيدك إلى السجن، وتثبتين أنك شريكته في الجريمة، ومع ذلك فإني أخيرك بين السجن وبين مستشفى المجانين، وعندي أنه خير لك أن تلزمي السكون؛ فلا مرد لما قضي به عليك، ولا يمر بك ثمانية أيام حتى تنفرج عندك الأزمة، وتعودي إلى منزلك فلا يحنق عليك البارون. - أنا كتبت له أن ذلك زور وبهتان. - ومع ذلك فقد ورد اليوم إلى البارون رسالة بخطك، ويظهر أن كاتبها قد أجاد تقليد الخط حتى لم يدع للبارون أقل شك فيها.
فصاحت باكارا صيحة منكرة، وعلمت أنها أصبحت في قبضة هذا الرجل يفعل بها ما يشاء.
وعند ذاك وقفت المركبة على باب المستشفى، فقال لها: لقد تم الاتفاق بيننا على أن تكوني هادئة، وذلك خير لك على ما أبنته. - ولكن ماذا يجري بفرناند أيحكمون عليه؟ - لا تخافي، فإن فرناند متهم بسرقة، وهذا ما يدعو هرمين إلى ترك حبه والاقتران بي! - ومتى اقترنت بك فماذا يكون؟ - يكون أنني أبرئ فرناند من تهمته.
فصاحت باكارا صيحة الفرح، وقالت: بالله كيف ذلك؟ - هو سري، فاسمحي لي بكتمانه. - وهم يطلقون سراح فرناند؟ - نعم، ويقترن بك!
فتنهدت الفتاة وأحنت رأسها كمن يستسلم للقضاء، وقالت: افعل ما تريد!
وعندها نزل السائق، وقرع باب المستشفى، وأدخل المركبة إلى ساحته، فنزل أندريا وأقفل الباب على باكارا والطبيب، وذهب إلى رئيس المستشفى فقال: إنني أريد أن أستودعكم فتاة مجنونة تدعى أليس هوتية، وهي معشوقتي، وأنا أريد أن أتولى النفقة عليها، أما جنونها فقد أصابها على إثر حادثة جرت لها مع مومسة شهيرة تدعى باكارا غارت هذه الفتاة منها على عشيقها حتى اختل عقلها، وأصبحت تزعم أنها هي نفس باكارا.
صفحه نامشخص