342

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرها

ونظر المركيز من ثقب الباب وهو يحسب أن الداخلة كانت المركيزة، فرأى أنها امرأة حسناء ولكنها غير امرأته، أما تلك المرأة فإنها كانت باكارا، فلما دخلت إلى الغرفة خلعت ردائها الذي كانت متشحة به، وتقدمت من فاني وهي خادمتها القديمة التي خدعتها في المستشفى كما يذكر القراء في الرواية السابقة، فقبضت على خناقها وضغطت حتى كادت تخنقها، فصاحت صيحة شديدة من الألم، فأفلتتها باكارا وقالت لها: إذا أردت النجاة من الموت فاجلسي أمامي نتحدث.

فجلست فاني وهي تضطرب من الخوف وقالت لها: ماذا تريدين؟ - أريد أن أحادثك، فقولي ماذا تعملين هنا؟ - إني أنتظر سيدتي. - كذبت فإن سيدتك قد خرجت من المنزل، وهي لا تعود إليه إلا في مننتصف الليل.

فعلمت فاني أنها واقفة على شيء من السر، فقالت: بل إني أنتظر صديقة لسيدتي.

وقد دار بينهما الحديث الآتي، فقالت باكارا: ومن هي هذه الصديقة؟

فترددت فاني عن الجواب، فأخذت باكارا خنجرا من صدرها وجردته من غمده، ثم أدنته من الشمعة الموقدة حتى ظهر بريقه وقالت لها: أتعرفين هذا الخنجر؟

وحاولت فاني أن تهرب ولكن باكارا قبضت عليها بيد من حديد وأجلستها في مكانها مكرهة، ثم قالت: قولي من هي هذه الصديقة؟ - المركيزة فان هوب. - انتبهي جيدا إلى ما ستجيبينني إليه، فإني سأسألك كما يسأل القاضي المجرمين، وحذار أن تكذبي بحرف.

فعلمت فاني أنها تقتلها دون شك، فقالت: سليني ما تشائين فإني أجيب. - لقد قلت أن المركيزة فان هوب هي صديقة لسيدتك. - نعم. - وهي ستجيء في هذا المساء؟ - نعم، وقد كان حقها أن تحضر الآن. - ماذا تأتي لتعمل في هذا المنزل إذا كانت سيدته غائبة عنه؟ - إنها تأتي إليه لتجتمع فيه بشاب. - من هو هذا الشاب؟ - هو شاروبيم. - لماذا تريد الاجتماع به؟ - لأن المركيزة قد وصل إليها كتاب منه، وقد أوصلت الأرملة مالاسيس هذا الكتاب إليها أمس. - ماذا يتضمن هذا الكتاب؟ - لا أعلم حقيقة فحواه، غير أن الذي علمته أن شاروبيم يريد أن يهاجر فرنسا بحيث لا يعود إليها، وهو يلتمس من المركيزة أن تقابله بحضور الأرملة.

فهزت باكارا الخنجر بيدها وقالت: أتحب المركيزة شاروبيم؟

فأيقنت فاني من دلائل إنذارها أنها واقفة على كل شيء، وأنها إذا كذبت أقل كذبة تقتلها دون شك، فأجابتها: كلا، إنها لا تحبه. - إذن فما الغرض من قدومها إلى هذا المنزل؟ ثم قالت لها: احذري من الكذب، فليس في هذا المنزل من يشاهدني، بحيث إنك إذا كذبت أقتلك دون إشفاق. - إذن فاعلمي الحقيقة، وهي أن سيدتي الأرملة تخدع المركيزة لخدمة شاروبيم، ولشاروبيم فائدة من إغواء المركيزة، غير أنه لما كانت المركيزة امرأة شريفة فقد حسبوا ... - من هم الذين حسبوا؟ - مدام ملاسيس وخادمها فانتير وآخرون. - قلت لك لا تكتمي أمرا، فلا وقت لنا للتردد.

ثم هزتها بيدها وأشهرت عليها الخنجر، فارتاعت فاني وباحت لباكارا بجميع أسرار الدسيسة، إلى أن انتهت من كلامها، فأشارت بيدها إلى الغرفة المختبئ فيها المركيز، وقالت لها: إن زوجها مختبئ الآن في هذه الغرفة.

صفحه نامشخص