الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
ژانرها
فداخل الريب باكارا في أمر هذا العطر، وخشيت أن يكون منوما، بل إنها تمادت في ظنونها وحسبته سما زعافا؛ لأن خيال أندريا قد تمثل لها في تلك الساعة، ولكنها كتمت ما أوجسته، ثم نهضت كأنها تحاول فتحها وجعلت تبحث عن آلة تفتحها بها، فلم تجد فقالت: ائذن لي هنيهة ريثما أفتحها وأعود إليك.
ثم خرجت بها إلى حيث يختبئ الكونت، فأومأت إليه بيدها أن يتبعها وذهبت به إلى الغرفة التي كانت فيها الفتاة اليهودية، فأجلستها أمامها ونومتها التنويم المغناطيسي ثم قالت لها: إني آمرك أن تري من يوجد عندي في القاعة.
فقالت الفتاة لفورها: يوجد فيها رجل ينتظرك. - من هو هذا الرجل؟ - هو الذي يقيم في المنزل المجاور لمنزل الأرملة.
فعلمت باكارا أنها تريد به شاروبيم، وعرضت عليها زجاجة العطر وقالت لها: من أعطاني هذه الزجاجة؟ - هو. - ما يوجد فيها؟
فضغطت الفتاة على الزجاجة بيدها، ثم أدنتها من جبهتها ولبثت هنيهة تتأمل، ثم ردتها منذعرة وهي تقول: إن فيها سما قاتلا. - أيقتل في الحال؟ - كلا، بل إن من يشربه أو يشمه يصيبه ما يصيب السكارى، فيبتدئ بإباحة جميع أسراره ثم يجعل يهذو هذيانا شديدا، ثم يموت شر ميتة بعد عذاب شديد.
فاكتفت باكارا بما سمعته، ثم أيقظتها وقالت لها: اذهبي فنامي نومك الطبيعي.
وخرجت مع الكونت إلى الغرفة التي كان مختبئا فيها وقالت له: ابق فيها على حذر، وأنا داخلة إلى هذا القاتل.
ودخلت إلى شاروبيم ولكنها خبأت الزجاجة في صدرها وجلست أمامه على كرسي وقالت له: إذن فقد خدعت وسقطت في الفخ.
وكانت تقول له هذا القول بلهجة المتهكم، وقد هرب الابتسام من شفتيها، فاختلج فؤاد شاروبيم وسألها: أي فخ تعنين؟ - أريد به الرسالة التي قادتك إلى هنا، إلا إذا كانت من مخترعاتك. - ألست أنت إذن التي كتبتها؟
فقهقهت ضاحكة وقالت: لقد بلغت البلاهة منكم معشر الرجال أنكم تحسبون أن نظرة واحدة منكم تكفي لافتتان النساء بكم. - ولكنك ألم تأذني لي بزيارتك؟ - أتريد أن أكلمك بحرية وجلاء؟ - لا أحب لدي من هذا. - إذن فاسمع ... أتعلم لماذا قبلتك في منزلي بدلا من أن أطردك كما تستحق لتجرؤك ومراهنتك علي كما يتراهنون على الجياد؟ ذلك لأني كنت أعرف عنادك وثقتك من نفسك، فعلمت أنك مائت لا محالة، فإذا أصررت على الرهان وأردت إنقاذك من الموت ... انظر إلي أترى بين ملامحي ما يدل على الشر والتلذذ بقتل الناس؟ إن باكارا لا تطيق أن يقتتل رجلان من أجلها؛ ولهذا فقد أذنت لك أن تزورني وبالغت في ملاطفتك كي أحملك على الرجوع عن هذا الرهان الشائن الخطر، فإن الكونت أرتوف يقتلك دون إشفاق لو تم عقد هذا الرهان وكان الفائز فيه، بل كان ينوب في قتلك عن العدالة، فإنك تجرأت على إهانة امرأة ليس لها أخ ولا أب ولا زوج يحميها.
صفحه نامشخص