الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
ژانرها
بينما كان الجواد يأكل علفه كانت الكونتس في غرفة نومها نائمة في سريرها، وأم روكامبول تتأهب للرحيل وقد تزينت بملابس النور.
وكانت غرفتها ملاصقة لغرفة الكونتس يفصل بينهما باب داخلي يفتح من الغرفتين.
وبينما كانت النورية تنظر إلى نفسها في المرآة وقد فرغت من اللبس، سمعت الكونتس تصيح صياحا مزعجا ففتحت الباب وأسرعت إليها، فلما رأتها الكونتس صاحت صيحة أخرى وقالت لها: آه لو عرفت ماذا جرى!
وكانت علائم الذعر بادية في وجه الكونتس، وقد امتقع لونها وغارت عيناها وقالت لها بصوت مختنق: إني رأيتها ... وأنا لم أكد أغفو، وقد صحوت لصوت سمعته، ففتحت عيني ورأيت نورا أبيض هنا عند الباب.
فضحكت تنوان وقالت: لقد أوشكت هيئتك أن تخيفني، فما هذا الجنون؟
واصطكت أسنانها من الخوف وقالت: قلت لك إني رأيتها. - من هي التي رأيتها؟
فأجابتها وهي لا تكاد تفسر اللفظ من الرعب: «هي ... هي»، وقد رأيتها مصفرة الوجه، ثم نظرت إلي بعينين تتقدان نارا، وقالت لي: احذري أن تمدي يدك بسوء إلى ابنتي، أو تموتي أفظع موت.
فحاولت تتوان أن تتكلم، ولكن الكونتس قاطعتها وقالت لها: حين قالت لي هذا القول كانت كتلة من نور أبيض، ثم تحولت إلى شعلة من نار بعد أن أتمت وعيدها وتوارت عن الأنظار، فشعرت عندئذ أنهم قبضوا علي وربطوا يدي ورجلي، ثم ألقوني في مركبة وساروا بي، فكان الناس يسيرون أفواجا في جانبي المركبة وهم ذاهبون بي إلى ساحة الموت الرهيب، ولكني لم أعلم كيف يكون موتي، وعندها صحت صيحة منكرة فاختفى كل شيء.
فضحكت تتوان وقالت: تريدين أنك صحوت من الرقاد. - إني لم أكن نائمة. - بل كنت نائمة وأنت لا تعلمين فأصابك الكابوس. - ليس ما رأيته حلما، بل قد رأيتها حقيقة وسمعت صوتها. - إن الأموات لا يرجعون. - بل روحها التي تمثلت لي، ولا سبيل معك إلى الجدال فإنك لا تعتقدين بشيء. - إني لا أعتقد إلا بحقائق العلم وبذلك القدر المرسوم في خطوط الأيدي. - إذن أعيدي النظر في يدي، وأخبريني إذا كان قد تغير ما كتب لي في لوح المقدور، فأنت نفسك تعترفين أن خطوط اليد تتغير.
ثم بسطت يدها للنورية وقد خف ما خامرها من الرعب، فتأملت تنوان مليا في خطوط تلك اليد وقالت: إن خطك لا يزال على ما كان عليه، فستكونين من أغنى الناس. - متى؟ - في وقت قريب. - أأجد الصندوق؟ - نعم. - وهذه الفتاة التي نحسبها ابنتها؟ - سأخبرك بذلك غدا.
صفحه نامشخص