الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
ژانرها
ثم عادت فركعت بين يديه، وهو يبسم لها تبسم الظافر على المرأة المفتخر بامتلاك فؤادها، وقال: مسكينة أنت. - قف. لا تشفق علي؛ لأنني لا أستحق منك شفقة ولا رحمة، بل احتقارا وكرها. - إذا كان الأمر كذلك، فأنا أسامحك وأعفو عنك. - اسمع فليس ذاك كل الأمر؛ فلقد مر علي يوم مشئوم أخبرتني فيه أختي أنك عازم على الزواج.
فاضطرب الفتى لهذه العبارة، وقال: هو إذن؟ أنت التي كتبت ...
فقاطعته وقالت: لا لست وحدي، بل أنا وهو. - من هو؟ - هو الوحش الضاري السير فيليام. - إنني لا أعرف هذا الرجل. - ستعرف من هو؛ فإنني يوم علمت أنك عازم على الاقتران كنت في بيت أختي، وكنت أنت في نافذتك فتطارحنا السلام، وخرجت أنت وكانت مركبتي لدى الباب فركبتها وانطلقت في إثرك حتى وصلت إلى منزل عروسك، فنزلت أنا وسألت عنها، فقيل إنها تدعى هرمين، وأن أباها يدعى بيرابو، فعدت إلى منزلي حزينة كئيبة تتنازعني الأفكار من كل جانب، ولكن فكر حرمانك من عروسك لم يكن قد خطر لي بعد، فقضيت ليلي مسهدة الجفن على فراشي، واسمك يتردد بين شفتي حتى الصباح، فدخل علي رجل، بل شيطان بصورة إنسان يقال له السير فيليام.
فقال فرناند منذهلا: ولكني لا أعرف هذا الرجل! - أما هو فقال لي: إنك تحبين فرناند، وأنا أحب ابنة بيرابو.
فارتعش فرناند لهذا الخبر، وعادت باكارا وقالت: وإذا بوالد هرمين تقدم إلي من وراء فيليام، وهو يقول لي إنه مغرم بأختي، ثم دخل فيليام معي في حديث طويل كله دهاء وخداع، لم أذكر منه سوى أنه لعب بعقلي واستولى على فكري، وبعت أختي سريز لوالد خطيبتك على أن يمنعك من زواج ابنته.
وهنا أخذت باكارا في البكاء الشديد، وأخذ فرناند يدها وقال: لا بأس، أنا أسامحك. - قف لا تسامحني الآن، فإنني لم أقل لك كل شيء، أما السير فيليام فإنه بعد أن أتم اتفاقنا على هذه الصفقة الخاسرة، أملى علي رسالة إليك أشكو لك فيها غرامي، كأنك عشيقي من زمن مديد، وجعلني أهزأ بالفتاة التي ستصير عروسك، وأذكرك بأنك وعدتني بأنك لا تسلوني ولو تزوجت.
وقاطعها فرناند وقد أخذ يستنير من الأمر، وقال: أكتبت كل هذا؟ - نعم، ودفعت الرسالة إلى بيرابو، وقد احتال فألقاها في أرض بيته يوم كنت تأكل عنده، بحيث وجدتها هرمين بعد ذهابك وقرأت ما فيها.
فجمد فرناند كأنه أصيب بصاعقة، وأدرك السبب الذي دعا هرمين إلى النفور منه ، ولكنه بقي جاهلا أمر السرقة وتدبيرها، وعادت باكارا إلى حديثها: والآن وقد عزمت على إنقاذك، وأن أتهم هذين الشقيين مكانك. - ولكن اذكري أن أحدهما والد هرمين.
أحنت رأسها وجرت على خدها دمعتان فطرتهما يد الغيرة من أعماق قلبها، وقالت: نعم. إنك تهواها، ولكن ما يهمني ذلك فأنا سأسعى في إنقاذك وتلافي ما بدر من إساءتي إليك، وإذا أصبحت سعيدا بعد ذلك بمن تهواها خففت عني وقر العذاب.
وتذكر فرناند عند ذاك زيارة الكونت أرمان وقوله له يجب أن نبحث عن باكارا، فاضطربت أفكاره، وقال: لقد أتاني رجل الآن، ووعدني بإنقاذي أيضا، وهو يريد أن يراك، وقد كان معه ليون خطيب أختك، ثم خرجا قبل دخولك بقليل، وهو يدعى الكونت أرمان دي كركاز، ومنزله في شارع كاترين، اذهبي إليه وانظري ماذا يريد.
صفحه نامشخص