أن ملكا أصدر مرسوما في مملكته، وبقي هذا الأمر مدة، ثم نسخ، وأبدل بمرسوم آخر، فمن قال: إني سأظل متمسكا بالمرسوم الأول، ولا أقبل المرسوم الجديد، اعتبر خارجا على الملك محاربا له.
ضلال الناس فيمن يعتقدون فيهم الصلاح والفضل:
وقال اللَّه تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ ﴿قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨ - ٢٠] .
والعادة أن الإنسان إذا أخلص في الدعاء والنداء، وصح ما بينه وبين اللَّه، اعتقد الناس أنه بلغ في الولاية والروحانية منزلة يقدر فيها على أن يعطى من شاء ما شاء، وينزع ممن شاء ما شاء، فيتهافتون عليه تهافت الفراش على النور، ويكادون يكونون عليه لبدا، فينبغي لهذا العبد الصالح أن يبين الحقيقة، ويميز الحق من الباطل، فينهى عن دعاء غير اللَّه، وينفي عن الخلق القدرة على النفع والضر، ويوضح أن من دعا غير اللَّه، ورجا منه النفع، ودفع الضر فقد أشرك، ويعلن أنه بريء من هذا الشرك، غير راض عن هذا العمل.
وقد دلت هذه الآية على أن المثول بغاية الأدب والتواضع - كما كان الشأن في مجالس ملوك فارس، وكما هو الشأن في معابد الوثنيين عند الأصنام والهياكل، والسدنة والكهان - أمام شيخ صالح، أو عظيم المنزلة في الروحانية والربانية، كأنه في الصلاة، ونداؤه من قريب وبعيد، واللهج باسمه باستمرار، كأنه اسم من أسماء اللَّه الحسنى، من
1 / 133