يقبلها اللَّه منهم، بل كذبهم فيها، فقال في سورة يونس: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: ١٨] .
وقد تبين من هذه الآية، أن من عبد أحدا من الخلق، اعتقادا بأنه شفيعه، كان مشركا بالله، وقد قال اللَّه تعالى في سورة الزمر: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [الزمر: ٣] .
وقد نكب هؤلاء الجهال عن طريق الحق، وأعرضوا عن اللَّه الذي هو أقرب إليهم من كل أحد، وأقبلوا على غير اللَّه، واتخذوه ظهيرا ونصيرا، ووليا من دون اللَّه، وحرموا نفوسهم النعمة الكبيرة، التي أنعم اللَّه بها عليهم، فإنه يحقق جميع المطالب، ويرد جميع الآفات من غير واسطة، فلم يشكروا هذه النعمة، ولم يقدروها قدرها، وأقبلوا على خلقه يوسطونهم ويطلبون منهم قضاء الحاجات، ورفع الآفات، فعسروا الميسور، وفضلوا ملتوي الطريق، وجاهدوا في غير جهاد، وبدلوا نعمة اللَّه كفرا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ويبتغون في ذلك عند اللَّه قربا وزلفى، ولكنهم لم ينالوا بذلك مطلوبهم، ولم يسعدوا بالقرب عند اللَّه، بل بالعكس من ذلك، كلما أمعنوا في هذا الطريق، واستمروا في هذا السلوك، ازدادوا من اللَّه بعدا، وقد وضح من
1 / 53