المقالة الثانية في الرياء وما يتعلق به
وفيها ثلاثة مباحث:
المبحث الأول في ذم الرياء وإرادة الدنيا بعمل الآخرة:
الآيات: قوله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا
وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (١).
قال الزمخشري (٢): [يعني لم يكن لهم ثواب الآخرة (٣)، لأنهم لم يريدوا به ثواب الآخرة، وإنما أرادوا به الدنيا، وقد وفيَّ إليهم ما أرادوا، وباطل ما كانوا يعملون، أي كان عملهم في نفسه باطلًا، لأنه لم يُعمل لوجه صحيح، والعمل الباطل لا ثواب له. انتهى] (٤).
وقال الإمام الرازي (٥) في التفسير الكبير (٦): [واعلم أن العقل يدل عليه قطعًا (٧)، وذلك لأن
_________
(١) سورة هود، الآيتان ١٥ - ١٦.
(٢) هو محمود بن عمر بن محمد أبو القاسم الزمخشري الملقب بجار الله، لغوي مفسر وكان معتزليًا له الكشاف في التفسير، الفائق في غريب الحديث، أساس البلاغة، توفي سنة ٥٣٨هـ. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ٢/ ١٥١، طبقات المفسرين للسيوطي ١/ ١٢٠.
(٣) ليست في ط.
(٤) تفسير الكشاف ٢/ ٢٦٢.
(٥) هو فخر الدين محمد بن عمر بن الحسيني الرازي، أصولي مفسر من علماء الكلام له مؤلفات كثيرة منها: المحصول في الأصول، التفسير الكبير، نهاية العقول توفي سنة ٦٠٦ هـ. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ٢١/ ٥٠٠، وفيات الأعيان ٤/ ٢٤٨.
(٦) ١٧/ ٢٠٠. ... =
(٧) قال الرازي قبل الكلام الذي نقله المصنف ما نصه [المسألة الثانية المراد من توفية أجور تلك الأعمال هو أن كل يستحقون بها من الثواب فإنه يصل إليهم حال كونهم في دار الدنيا فإذا خرجوا من الدنيا لم يبق معهم من تلك الأعمال أثر من آثار الخيرات بل ليس لهم منها إلا النار واعلم أن العقل ...]. التفسير الكبير ١٧/ ٢٠٠
1 / 34