والتعاليم المنطقية والموسيقى، والفنون الفلسفية والجومطريقي - حظ الزمان من من الهرم (^١)، والحمر من تأليف النغم، لكنها والله أقوى منكم لحيا، وأقوم هديا، وأثقب خواطر، وأصدق بصائر. تلك علوم يونان، ومبادئ كلذان، ونتائج هرمسية (^٢)، ونسب فيثاغورية، لا ما أنتم بنو الاستاه منه متعاطون (^٣)، وفي عشوائه خابطون، إنّ العرب بأميتها لأدركت بحلومها، ما أدركته الأوائل بتعاليمها، أهل البيان وأربابه، لهم فتحت أبوابه، ورفعت باليفاع قبابه؛ نزل الفرقان بلسانها، فدل على إحسانها:
فلو أن السماء دنت لمجدٍ … ومكرمة دنت لهم السماء (^٤)
عُتُق صدق، جعل الله لها الكعبة البيت الحرام قيامًا، والحنيفية السمحة قواما، وإنّ بيتًا رفع منه إبراهيم القواعد وإسماعيل، ونطق بفضله التنزيل، وسفر بين ساحته جبريل، لمظنة خيرات، ومصبّ بركات، ومنجم آيات معجزات؛ مشاعر معظمة، ومناسك مكرمة، وملتقى آدم وحواء، ومهبط الوحي من السماء، ذلك بيت الله لا بيوت نيرانكم، وشعاره لا شعار صلبانكم، ومدارس الذكر لا مدارس البهتان، ومعارج الملك لا مدارج الشيطان، إن القرآن ليس بديوانكم، ولا الكعبة من زخاريف إيوانكم:
إن الذي سمك السماء بنى لنا … بيتًا دعائمه أعز وأطول (^٥)