Message of Harmony Among Muslims
رسالة الألفة بين المسلمين
ویرایشگر
عبد الفتاح أبو غدة
ناشر
دار البشائر الإسلامية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۴۱۷ ه.ق
محل انتشار
حلب
النظر والاجتهاد، حيث أصبح لا سبيلَ معها للخلاص من التصفية الجسدية إلا بإظهار صفة الشرك !!.
إنه الاختلافُ الذي يتطَوَّرُ ويتطوَّرُ، وتتعمَّقُ أخاديدُه، فيُسيطِرُ على الشخص ويتملَّكُ عليه حواسَّه إلى درجةٍ يَنسى معها المعاني الجامعةَ والصعيدَ المشتركَ الذي يَلتقي عليه المسلمون، ويَعدَم صاحبُهُ الإبصارَ إلا للمَوَاطِنِ التي تَخْتِلِفُ فيها وِجهاتُ النظر، وتغيبُ عنه أبجدياتُ الخُلُقَ الإِسلامي، فتَضطرِبُ الموازينُ، وينقلِب عنده الظني إلى قَطْعي، والمُتَشابِهُ إلى مُحْكَم، وخفيُّ الدلالة إلى واضح الدلالة، والعامّ إلى خاصِ، وتَسْتَهوي النفوسُ العليلةُ مواطنَ الخلاف، فتسقُطُ في هاويةٍ تكفيرِ المسلمين، وتفضيلٍ غيرهم من المشركين عليهم ...
وقد تنقلب الآراءُ الاجتهادية والمدارسُ الفقهية التي مَحَلُّها أهلُ النظر والاجتهاد، على أيدي المُقلِّدين والأَتْباع إلى ضرب من التحزُّبِ الفِكري، والتعصُّب السياسي، والتخريبِ الاجتماعي، تؤَوَّلُ على ضوئِهِ آيَاتُ القرآن وأحاديثُ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، فتُصبِحُ كلُّ آيةٍ أو حديثٍ لا تُوافِقُ هذا اللونَ من التحزُّبِ الفكري إما مُؤَوَّلةً أو منسوخةً، وقد يَشتذُّ التعصُّب ويشتَذُ فَتَعودُ إلينا مقولةُ الجاهلية: ((كذَّابُ ربيعةَ أفضَلُ من صادقٍ مُضَر ... )).
ولعل مَرَدَّ مُعظَم اختلافاتنا اليوم إلى عِوَجٍ في الفهم تُورِثُهُ عِلَل النفوس من الكِبْرِ والعُجْب بالرأي، والطوافِ حول الذات والافتتان بها، واعتقادِ أن الصوابَ والزَّعامةَ وبناءَ الكيانِ إنما يكون باتهام الآخرين بالحق والباطلِ، الأمرُ الذي قد يتطوَّر حتى يَصِل إلى الفجور في الخصومة والعياذُ بالله تعالى.
إننا قلما ننظُر إلى الداخل، لأن الانشغالَ بعيوب الناس، والتشهير بها والإسقاطَ عليها، لم يَدَع لنا فُرصة التأمُّلِ في بنائنا الداخلي، والأثرُ يقولُ: ((طُوبى لمن شَغَله عیبُه عن عيوب الناس».
8